دخول
المنتدى
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 152 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 152 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 299 بتاريخ الأحد أكتوبر 06, 2024 8:58 pm
فيس بوك
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط محمد الجزائري والحديقة الالكترونية على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط الحديقة الاسلامية _ALHADEQA ISLAMIC على موقع حفض الصفحات
تجارة الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
تجارة الاسلام
تجارة الاسلام
إن جميع المسلمين “إخوة” و”أخوات” في الإسلام، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصناعات “الحلال” فإنه لا اعتبارات أخرى في العمل…أليس كذلك؟
بقلم محمد الجزائري
عندما يتعلق الأمر بـ 1,8 مليار مسلم حول أنحاء العالم يتطلبون العديد من المنتجات التي تتوافق مع مبادئهم الدينية، وهي المتطلبات التي يسارع أصحاب الأعمال لتلبيتها، فيمكننا القول بأن الإسلام سلعة رائجة. وبالرغم من أن البعض يتخيلون أن سوق المنتجات الحلال العالمي لا تتعلق إلا بالطعام، فإن تلك السوق في حقيقة الأمر شاملة، حيث إنها تضم كافة قطاعات الأعمال التي ترتبط بنمط حياة المسلمين، من الملبس والسفر إلى الاقتصاد والعقارات. ولذلك تختلف تقديرات قيمة السوق حسب مجموعة المنتجات المعنية.
ويقدر معرض سنغافورة الدولي للمنتجات الحلال، وهو معرض يقام سنويًا لبيع المنتجات الحلال، القيمة السنوية للسوق الحلال بـ 560 مليار دولار (أو ما يعادل 3 تريليون جنيه مصري)، بينما يقدر معرض الحلال العالمي الذي يقام بأبو ظبي المهتم بالصناعات الحلال تلك القيمة بـ 2,1 تريليون دولار (أو ما يعادل 11,2 مليون جنيه مصري). وتقدر جريدة الحلال التي تطلق على نفسها الجريدة الرسمية لتجارة الصناعات الحلال تلك القيمة بـ 580 مليار دولار (أو ما يعادل 3,1 تريليون جنيه مصري). وأيًا كانت القيمة المقدرة، فمن الواضح أن المنتجات الحلال مشروع مربح.
وفي مصر، يلعب الدين دورًا هامًا في حياة معظم الناس. فمنذ عصر الفراعنة، تميز المصريون بالتدين العميق سواء أكانوا من الوثنيين أو المسلمين أو المسيحيين أو اليهود. وعلى الرغم من ذلك، فقد تحولت المدن الكبرى في مصر مع الاستعمار إلى مراكز عالمية أكثر من كونها مراكز دينية. واستمر ذلك الوضع حتى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين عندما اجتاحت البلاد ما أطلق عليه صحوة إسلامية، وأخذت الهوية الإسلامية المحافظة تتغلب على الهوية القومية للمسلمين من سكان مصر.
وقد انعكست تلك الصحوة في عدد المساجد في مصر. فطبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كان هناك في عام 1986 مسجدًا لكل 745 نسمة بالرغم من كون عدد السكان قد تضاعف تقريبًا.
واليوم، وحيث يقدر عدد المسلمين بحوالي 90% من السكان – أي حوالي 72 مليون نسمة – فإن “عودة” الإسلام نتج عنها تدفق المشروعات التجارية التي تهدف إلى تحقيق الربح من خلال الاهتمام المتزايد بالمنتجات الحلال. وتسعى تلك المشروعات التجارية إلى إشباع بعض الحاجات التي لم يكن يتم إشباعها في الماضي، وهي تتمثل في تمكين الناس من تنفيذ أوامر الإسلام في العالم المعاصر. وسواء أكان ذلك يتعلق بارتداء ملابس محتشمة وعصرية في الوقت ذاته أم أداء الحج بطريقة عصرية، فإن الشركات تتنافس على مواكبة تلك السوق المزدهرة.
وقد أجرت مجلة Business Today المصرية حوارًا مع قادة السوق في أربع صناعات ترتبط أرباحها مباشرة بالإسلام، وذلك من أجل معرفة ماذا يحدث عندما تتداخل الدنيا مع الدين في العمل.
حجابي ستايل
بالرغم من كونهن أقلية في يوم من الأيام، فإن المحجبات قد أصبحن الآن أغلبية ساحقة في مصر. وعندما أدرك رجال الأعمال أن تلك السوق ذات احتمالية كبرى للاستثمار، سارعوا إلى صنع منتجات لإرضاء احتياجات العميلات المحجبات.
وربما تكون أول الشركات استجابةً تاي شوب، وهو محل مخصص لبيع أغطية الرأس من كافة الألوان والأنواع والأقمشة. ومن أغطية الرأس المصنوعة من المخمل إلى تلك المصنوعة من الشيفون المرصعة بالترتر أو الخرز، تخطفت تلك الأغطية من رفوف المحل.
وبالرغم من كونه سابقًا مجرد قطعة من القماش تلف مرة أو مرتين حول الرأس، فقد أصبح الحجاب الآن متأثرًا بتيار الموضة، حيث قد يستغرق ارتداء الحجاب الآن حوالي ساعة. كما أدى الحجاب أيضًا إلى ظهور تجارات أخرى مكملة، فبعض المجلات مثل مجلة حجاب المحلية تعرض صور فتيات يرتدين الحجاب بطرق مختلفة، كما أن تلك المجلات تفرد صفحات خاصة لشرح كيفية تعلم ربطات جديدة للحجاب. كما دخل مصففو الشعر أيضًا في اللعبة، حيث يمكن للمحجبة أن تقوم بزيارة مصفف الشعر لربط الحجاب بالطريقة التي ترغب بها (مثل الحجاب الأسباني)، أو يمكنها دعوة مصممي تسريحات الشعر المتخصصين إلى المنزل لربط الحجاب بأسعار تتراوح بين 100 جنيه و700 جنيه.
وماذا بعد الحجاب؟ الملابس بالطبع. فقد أصبح تزويد المرأة المسلمة المحافظة باحتياجاتها مشروعًا ضخمًا، حيث لا تبيع بعض المحلات سوى الملابس الطويلة المحتشمة ذات الرقبة العالية. ويقوم السلام شوبينج سنتر الذي يقع بالقرب من رمسيس هيلتون بتوفير احتياجات المحجبات حصريًا، حيث يبيع كل شيء من أحدث الصيحات إلى العباءات.
وتقوم بعض المحلات مثل سلسلة محلات المحجبة بإصدار تصميمات جديدة كل بضعة أشهر، كما أنها تستخدم حيلاً إعلانية مثل الاستعانة بإحدى الممثلات المشهورات اللاتي ارتدين الحجاب للإعلان عن منتجاتها الجديدة. وعلى غرار الصحوة الإسلامية، فقد انتشر ارتداء ملابس المحجبات ليشمل كافة قطاعات المجتمع، حيث تقوم العديد من ماركات الملابس الشهيرة بافتتتاح محلات تباع فيها العباءات السوداء بأسعار تبدأ من 1000 جنيه.
وربما يكون أكثر المنتجات التي ظهرت لتلبية احتياجات المحجبات نجاحًا هو القميص الضيق ذو الأكمام الطويلة والرقبة العالية الذي يأخذ شكل الجسم ويباع بـ 60 جنيهًا. وقد حققت شركة كارينا – المصنّع الرئيسي لذلك النوع – نجاحًا باهرًا لدرجة أن اسم الشركة أصبح مرادفًا لذلك النوع من الثياب. وقد افتتحت الشركة 25 فرعًا في مصر خلال 3 سنوات، وهي قصة نجاح مذهلة طبقًا لهنا يوسف – مدير التسويق بشركة كارينا التي أعلنت أن المنتج ترتديه على الأقل 90% من الفتيات والسيدات في الجامعات الحكومية.
وقد قالت السيدة هنا يوسف “قبل أن نقوم بصناعة كارينا، لم يكن باستطاعة المحجبات ارتداء أي شيء يرغبن فيه. لذلك فقد صممنا القميص الضيق ذو الأكمام الطويلة والرقبة العالية الذي يأخذ شكل الجسم والذي يمكن للمحجبات ارتداؤه تحت أي شيء يرغبن فيه ليحافظن على احتشامهن.” وتصنع منتجات كارينا من الليكرا المستورد من سويسرا الذي يتميز بالمسام التي تسمح للجلد بالتنفس وبكونه مطاطًا ومصنوعًا من قطعة واحدة ويتخذ شكل الجسم.
وتقول السيدة هنا يوسف “إننا لا نستهدف المسلمات فقط، ولكن ذلك النوع من الثياب مناسب لغير المحجبات أيضًا، فهو يفيد أي امرأة ترغب في ارتداء ملابس محتشمة. وكل ما في الأمر أن معظم عملائنا من المسلمات.”
ومع نجاح القميص التقليدي ذي الأكمام الطويلة، قامت شركة كارينا على الفور بتوسيع نشاطاتها لتشمل منتجات أخرى مماثلة، بدءًا من التي شيرت ذي الأكمام الطويلة وحتى القمصان بلا أكمام التي ترتديها الفتيات في سن الرابعة عشرة. ويشمل خط الإنتاج الآن أكثر من 60 نوعًا من أنواع الملابس الخارجية والداخلية للنساء، بدءًا من السراويل ومشدات الخصر حتى القمصان المرصعة ذات الأكمام الطويلة والحجاب.
وتمتلك كارينا ثلاثة مصانع وقسم لخدمة العملاء وفريق عمل يسافر إلى إيطاليا مرتين سنويًا لحضور معارض الأزياء. وتقول السيدة هنا يوسف أن كارينا قد تفوقت حتى على ماركة الأزياء العالمية مانجو في صناعة السراويل الفضية والذهبية “المثيرة” منذ عامين. كما تؤكد قائلة “إننا نفعل كل ما بوسعنا من أجل إصدار منتجات تعكس أحدث الصيحات.”
وبالرغم من أنها لم تفصح عن الرقم تحديدًا، فإن السيدة هنا يوسف تعترف بأن ميزانية التسويق الخاصة بشركة كارينا “ضخمة”. فقد وضعت لوحة إعلانات ضخمة فوق كوبري 6 أكتوبر لعدة شهور، كما تنتشر إعلانات كارينا المصغرة في كل مكان وتوجد منافذ بيع كارينا الصغيرة في كل مكان في البلاد. وطبقًا للسيدة هنا يوسف، فقد تفوقت كارينا على منافسيها بسهولة، وهي تقول “لا أرى أن لدينا منافسين على الإطلاق، ولكن هناك بالطبع بعض الشركات التي قامت بمحاكاتنا.”
ولأن السوق مليئة بالخيارات فيما يتعلق بالملابس، فقد وجد التجار سوقًا مصغرة تستهدف النساء الأكثر محافظة، وهي تتمثل في الخدمات التي تقدم للنساء فقط مثل قاعات الرياضة الخاصة بالسيدات والشواطئ الخاصة بالسيدات ومصففي الشعر الخاصين بالسيدات والمقاهي الخاصة بالسيدات.
وتمتلك الفنانة حنان ترك التي ارتدت الحجاب حديثًا محل صبايا، وهو محل ومصفف شعر ومقهي للسيدات فقط. وتقول حنان ترك أن المسيحيات وغير المحجبات غير مسموح لهن بالدخول، وذلك لأن هذا المشروع مبني على أسس إسلامية، ويعتبر تجميل السيدة التي تكشف عن مفاتنها ضد مبادئ الإسلام.
وتقول حنان ترك أنها تفضل التمسك بمعتقداتها عن الربح، فهي تمنع عددًا كبيرًا من الزبائن المحتملين حفاظًا على القيم التي تعتنقها. ولكن في حالات أخرى، يبدو أن الدافع مادي وليس المحافظة على القيم، فبعض المشروعات تفرض أسعارًا مبالغ فيها على العملاء الذين يرغبون في منتجات وخدمات ومواقع خاصة. فعلى سبيل المثال، تبلغ قيمة تذكرة الدخول في شاطئ لا فام النسائي في مارينا 100 جنيه. وهذا الشاطئ لا يسمح إلا بدخول السيدات فقط، ولكن ذلك لا علاقة له بالمبادئ الإسلامية، فالسيدات يذهبن هناك وهن مرتديات العباءات ثم يخلعن ملابسهن ويرتدين البكيني ويرقصن على أنغام الموسيقى، وهي الأشياء التي يعتبرها المسلمون المحافظون تتعارض مع السلوك الإسلامي القويم.
صوت الدين
في يوم من الأيام، كانت الكتب هي المصدر الوحيد المتاح للمعرفة الإسلامية، ولكنها كانت مرتفعة الثمن بالنسبة للطبقة المتوسطة من المصريين وكان جزء كبير من المجتمع ما زال أميًا. وغالبًا ما كان الرجال يفضلون ارتياد المساجد من أجل الاستماع إلى خطب الشيوخ.
ولكن لم تكن هناك طريقة لإعادة الاستماع للخطبة لاحقًا أو تسجيلها لمن لم يتمكنوا من الاستماع إليها. وبالرغم من دخول الكاسيت إلى مصر في الستينيات من القرن العشرين، فلم يكن متاحًا سوى شرائط القرآن، وذلك لأن الأزهر لم يكن يعطِ رخصة لتسجيل المحاضرات خوفًا من انتشار مثل تلك المحاضرات. وقد نتج عن ذلك قيام الباعة بتسجيل الشرائط بشكل منفصل وبيعها خفية. ولكن الحاج إبراهيم الطبلاوي غير كل ذلك.
أنشأ الحاج إبراهيم الطبلاوي ابن قارئ القرآن المشهور الشيخ محمود الطبلاوي شركة مسك للتسجيلات الإسلامية في بداية الثمانينيات من القرن العشرين من أجل تسجيل المحاضرات التي يلقيها والده. واستمر في ذلك الطريق لفترة يقوم بتسجيل محاضرات والده وبعض الشيوخ الآخرين من خلال معارف والده. واستمر الوضع كذلك حتى عام 1991. وفي يوم من الأيام كان يركب السيارة مع صديق له فاستمع إلى محاضرة على شريط كاسيت عن وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) للشيخ محمد حسان. وعندما استفسر عن مكان إنتاج تلك المحاضرة، وجد أنها قد أنتجت بشكل غير قانوني.
يقول الطبلاوي “لذلك فقد تساءلت لماذا لا نفعل ذلك بشكل قانوني؟ على الأقل يجب أن نحاول. لذلك فقد أخذت الشريط وذهبت إلى الأزهر وأخبرتهم عما أريد أن أفعله. وكانت تلك المرة الأولى التي يفكر فيها أحد في مثل تلك الفكرة، فطلب مني المدير العام وقتًا للتفكير في ذلك الأمر. وعندما عدت إليه بعد أسبوع، طلب مني أن ألخص النقاط الرئيسية في الشريط وأعطيه نسختين من الورق ونسختين من الشريط. وفعلت ذلك وبعد 20 يومًَا أعطوني التصريح.”
ولكي يتفادى المشاكل، حصل الطبلاوي أيضًا على ترخيص من وزارة الثقافة. وكانت تلك بداية تدفق الطوفان. ويقول الطبلاوي “كان رد الفعل هائلاً.” فقد تخطف الناس شريط محاضرة الشيخ محمد حسان، وهو الشريط الوحيد الذي كان يباع بشكل قانوني. وكتبت الصحف أنه كان أكثر الشرائط مبيعًا في البلد.
ولكن شيئًا فشيئًا أصبح السوق متشبعًا. وقام التجار الذين كانوا يبيعون منتجاتهم خفية بمحاكاة الطبلاوي، فأصبحت المنافسة شديدة. وفي ذلك العام في معرض الكتاب الدولي الذي يقام سنويًا بأرض المعارض بمدينة نصر، خصص قسم كبير للشرائط والكتب الدينية. وفي ذروة نجاحها، كانت صناعة الشرائط تدر ربحًا للطبلاوي يبلغ 20%. ولكن لم يكن في الإمكان تحقيق ربح أكبر من ذلك، فالشرائط الإسلامية كانت تباع بسعر يتراوح بين 95 قرشًا و1,35 جنيهًا مقارنة بالشرائط الغنائية الأكثر ربحًا التي تباع بسعر يتراوح بين 5 و10 جنيهات للشريط الواحد.
ويوضح الطبلاوي قائلاً “في بداية الأمر، كان المنحنى عاليًا لأن السوق كانت جديدة، وكان هناك طفرة كبيرة في الإنتاج. ثم قل الكم الذي تنتجه كل شركة بسبب زيادة عدد المنافسين في السوق.”
ومع تزايد شعبية الداعية التليفزيوني عمرو خالد في عام 2000، ازدهرت صناعة الشرائط الإسلامية. فقد هرع العديد من الناس لشراء شرائط عمرو خالد، كما زادت مبيعات شرائط القرآن وشرائط المحاضرات الأخرى. وبالرغم من كون حقوق النسخ لشرائط عمرو خالد محفوظة لشركة النور، وهي قائدة السوق الحالية، فإن الأرباح تدفقت إلى منتجي الشرائط الآخرين. وارتفعت مبيعات الشرائط بصورة جنونية، وتغير العملاء من كبار السن في المناطق الريفية للشباب من كافة قطاعات المجتمع.
وبالرغم من ذلك، فإن العديد من الشركات تحصل على أرباحها الآن من تصنيع الشرائط وليس من التسجيلات الجديدة للشيوخ. وتقوم شركة مسك بتفويض شركات أخرى للإنتاج، وتحاول في الوقت ذاته إحضار شيوخ جدد من كافة أنحاء العالم، ولكن الشركة ومنافسيها لم يعودوا يحققوا أرباحًا كبيرة. ويقول الطبلاوي أنه مع اختراع الأقراص المضغوطة (السي دي) التي تقصر مبيعات التسجيلات على الموسرين (وذلك لأن الريفيين ما زالوا متمسكين بالشرائط) ومع ظهور الأقمار الصناعية، فإن تلك السوق لن تنمو أكثر من ذلك.
ويوضح قائلا “لدينا الآن الأقمار الصناعية، وأصبح الناس لديها القدرة على الوصول للتسجيلات الصوتية والمرئية[1] في كافة القنوات، وهم يرونهم ]الشيوخ[ كل يوم، بل يمكنهم أيضًا التحدث إليهم على الهواء مباشرة. وحتى بالنسبة للاستماع للقرآن، هناك قناة المجد التي يمكن للناس الاستماع للقرآن من خلالها. وهكذا، فقد اختلف الأمر." ولكي يستمر الطبلاوي في السوق، فسوف يدخل مجال المصحف الإلكتروني المحمول، وهو يؤكد أنه سوف يستمر في مجال إنتاج الشرائط بالرغم من تناقص الربح، وذلك لأنه يشعر أنه "يقدم شيئًا مفيدًا للمسلمين".
ويضيف الطبلاوي قائلاً "لا يهم نوع العمل الذي تزاوله. فقد يوجد من يطلق لحيته ويرتدي الجلباب لكنه يسرق، وما يهم هو النية. وطالما أن المنتج الذي تقدمه ليس حرامًا، يمكنك أن تفعل أي شيء. فعلى سبيل المثال، لا يمكنك العمل في صناعة الخمور أو القمار وفي الوقت ذاته تدعي أنك "تعمل بضمير". وكون عملي مرتبطًا بالدين لا يجب أن يكون أمرًا ذا بال، فيجب على المرء أن يكون أمينًا في كل ما يفعله، وعندها يطرح الله البركة في عمله. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تعمل في مجال العقارات، فقد تخبر أحد الأشخاص أن تلك الشقة مساحتها 200 متر بينما مساحتها الحقيقية 150 مترًا فقط. وعليك أن تستخدم نفس المعايير في أي عمل تقوم به. وهناك حديث نبوي شريف يقول "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا[2]…“
الموسيقى الحلال
بالرغم من كون شرائط المحاضرات الإسلامية وشرائط القرآن في تناقص، فإن نوعًا آخر من الشرائط الإسلامية تزداد شعبيته وهو الأناشيد أو الأغاني الإسلامية. ويزداد عدد الفرق الإسلامية التي تظهر على الساحة كل يوم، ولكن رائد ذلك المجال بالطبع هو سامي يوسف.
وقد عثر بارا خريجي، وهو شريك في تأسيس شركة الصحوة الإسلامية للتسجيلات الموسيقية وصديق سامي يوسف منذ الطفولة، بالمصادفة على تلك السوق المربحة: الشباب الذين يريدون الاستماع إلى الموسيقى ولكنهم في الوقت ذاته يخشون أن كلمات الأغاني التي تدور حول الجنس والعنف محرمة. وقد رأى خريجي أن تلك السوق ينقصها الكثير من الخدمات، لذلك فقد انقض عليها مع شريكه شريف حسن البنا. ونظرًا لقلة الخيارات المتاحة لأولئك الذين يرغبون في الاستماع إلى نوع مختلف من الموسيقى، حقق ألبوم سامي يوسف “المعلم” الذي أصدر عام 2003 نجاحًا باهرًا، حيث بيع منه الملايين من النسخ، ويبدو أن نغمات أغانيه أصبحت رنات الهاتف المحمول في مصر بأكملها. كما أن ألبومه الثاني “أمتي” بيع منه أكثر من ثلاثة ملايين نسخة في كافة أنحاء العالم.
ولم يقم خريجي فقط بتقديم ذلك النوع من الموسيقى الإسلامية الحديثة، ولكنه أيضًا أنشأ أول فيديو كليب غنائي إسلامي، وكان رد الفعل مدهشًا. وقد تم تصوير أغنية سامي يوسف “حسبي ربي” في أربعة دول مختلفة: المملكة المتحدة والهند وتركيا ومصر، وهو حدث فريد من نوعه في تاريخ الفيديو كليب الغنائي كما يؤكد خريجي. وقد احتلت تلك الأغنية أعلى المراكز في القنوات التليفزيونية في كافة أنحاء العالم، وأصبحت تذاع على أشهر قنوات الأغاني العربية، بما فيها أكثر قنوات الأغاني شعبية في العالم العربي: ميلودي ومزيكا. والنتيجة؟ بيعت خمسة ملايين نسخة من ألبومات سامي يوسف في العالم كله وأصبح له 16 مليون نتيجة عند البحث على صفحات الإنترنت.
ويقول موقع الإنترنت الخاص بالشركة “بدلاً من اتباع نفس الطريق الذي اتخذه منافسونا، فإن تسجيلات الصحوة تهدف إلى وضع معايير جديدة بكل الطرق الممكنة، وذلك عن طريق احترام الماضي مع النظر إلى المستقبل. ونحن نرغب في تقديم رؤية عصرية تتسم بالحيوية للإسلام من خلال منتجاتنا.” ويؤيدها خريجي في ذلك الرأي، حيث يقول “إن منتجاتنا ذات جودة عالية، فهي ذات هدف ترفيهي وتعليمي وروحاني.]…[ ومن خلال ألبومات الموسيقى الإسلامية، تسعى شركة الصحوة إلى إعادة تعريف مصطلح "إسلامي" بحيث يشمل "كل ما هو جيد" ويوضح توافق الحياة العصرية مع الإسلام."
وقد أصبحت تسجيلات الصحوة أحد قادة السوق، وهي تتمتع باسم تجاري قوي، فهي تتلقى عروضًا من فنانين طموحين يوميًا وتتمتع بشبكة توزيع تغطي 52 دولة من أذربيجان إلى أستراليا. وقد أصبحت الشركة الآن مؤسسة تحمل اسم مجموعة الصحوة الموسيقية، وينضوي تحتها ثلاث شركات تابعة لها.
وقد قامت تسجيلات الصحوة بالحصول على شراكات مع شركات النقل الدولية DHL وUPS، وهي تمتلك المخازن والاستديوهات الخاصة بها، بالإضافة إلى موقع الإنترنت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مع تسهيلات التجارة الإلكترونية التي كما يقول خريجي "تمكننا من البيع مباشرة للجمهور دون وسيط، مما يزيد من الأرباح." وتمتلك الشركة الآن ثلاثة مكاتب حول أنحاء العالم، ويقع فرع الشرق الأوسط في مصر، وهو يضم ستوديو تسجيل داخلي مصمم خصيصًا. وحتى الآن، قامت تسجيلات الصحوة بضم ثلاثة عشر فنانًا وإصدار ستة ألبومات وإقامة أكثر من 150 حفلة والحصول على دعم من الشركات تبلغ قيمته مليون دولار (أو ما يعادل 5,35 مليون جنيه) من الشركات متعددة الجنسيات وعقد صفقات توزيع مع شركة أفلام باراماونت وآي تيونز وموسيقى MSN وفيرجين، كما حصت على رعاية شركة فودافون متعددة الجنمسيات للاتصالات لأغاني الفيديو الكليب الخاصة بسامي يوسف على القنوات الفضائية.
افتح القنوات الفضائية
قد تكون البرامج الدينية في القنوات الفضائية ساهمت في إضعاف صناعة الشرائط، ولكن صناعة التليفزيون نفسها في ازدهار مستمر في كافة أنحاء العالم. ومن الطريف أن كلمة "اقرأ"، وهي أول كلمة من القرآن نزلت على الرسول (صلى الله عليه وسلم)، هي أيضًا اسم أول قناة دينية أسسها الشيخ صالح كامل.
وقد بدأ بث تلك القناة المجانية عام 1998، وأصبحت أحد عمالقة السوق. فقبل ذلك، لم تكن هناك أي قناة مخصصة بالكامل لتزويد المشاهدين بالبرامج الدينية والترفيهية. وتنتشر مكاتب اقرأ الخمسة في الشرق الأوسط، حيث يقع الاستديوهان الرئيسيان في السعودية ومصر، بينما تقع المكاتب الأخرى في الأردن ولبنان والكويت. ولمدة 6 أعوام، قامت قناة اقرأ باحتكار السوق، وطبقًا لإحصائية أجريت بواسطة مجلس الوزراء المصري، كانت قناة اقرأ أكثر القنوات الفضائية مشاهدة في مصر عام 2004.
وتقدم قناة اقرأ برامج دينية تعالج موضوعات متعلقة بكافة جوانب المجتمع، مثل المرأة والأسرة والفتاوى وبرامج المكالمات على الهواء وكيفية قراءة القرآن في أربعة قارات من العالم. وبالرغم من أن العديد من المنافسين أطلقوا قنوات مشابهة، تبقى قناة اقرأ أكثر قناة مشهورة ولها معجبيها المخلصين.
ويعمل محمد سلام المدير التنفيذي لقناة اقرأ في السعودية في القناة منذ افتتاحها، وهو يقول "لقد أنشئت قناة اقرأ لخدمة قطاع من المجتمع لم يكن يشاهد التليفزيون، حيث إنهم كانوا يعتقدون أنه يتعارض مع القواعد ]الأخلاقية[. ولكننا اكتشفنا بعد ثلاثة سنوات وفوجئنا بأن مجموعات مختلفة من الناس يشاهدون برامجنا، وليس فقط المتحفظين." واستجابة لذلك، بدأت قناة اقرأ في تقديم برامج تناسب جمهورًا أكبر من الناس بحثٵ عن زيادة عدد مشاهديها.
وفي عام 2004، بدأت قنوات إسلامية جديدة في الظهور، بدءًا من قناة المجد والرسالة التي تقدم برامج دينية تستهدف مجموعات مختلفة من المشاهدين على غرار قناة اقرأ. كما أنشئت أيضًا قناة الفجر، وهي قناة مخصصة لقراءة القرآن فقط. واليوم يوجد حوالي 30 منافسًا آخرين في هذا المجال، وهي لا تنطلق فقط من الشرق الأوسط مثل قناة الإسلام اليوم في أوروبا وبريدجز في أمريكا، وهما مثالان على القنوات غير الشرق أوسطية.
ويقول سلام "ولكنني أرى كل تلك القنوات متنافسين في الخير." وطبقًا للتقارير الشهرية التي يتلقاها سلام من شركات الأبحاث، لم تعد قناة اقرأ ضمن القنوات العشرة الأعلى مشاهدة في الشرق الأوسط. ويقول سلام واصفًا تأثير المنافسة المتزايدة وخيارات المشاهدة "عندما تحصل على المركز الرابع من ضمن خمس قنوات دينية يختلف الأمر عن الحصول على المركز التاسع من ضمن ثلاثين قناة دينية."
ويضيف قائلاً "ولكننا لاحظنا أن ]مشاهدينا[ يتميزون بالولاء، وأن مفهوم الاسم التجاري ]جيد[ جدًا. وينسب الفضل لقناة اقرأ في رفع الوعي الإسلامي بين الناس في العالم العربي والإسلامي. فمنذ عشرة أعوام، لم يكن أحد من الناس لديه أدنى فكرة عن السيرة النبوية."
ويوضح سلام أن المشاهدين الأوائل كانوا متعطشين لسماع أي شيء، وكانوا يسعدون بالاستماع إلى أي شيخ يتحدث أمام الكاميرا. ولكن الآن كي تبقى داخل المنافسة، يجب على قناة اقرأ الحفاظ على اهتمام المشاهدين الذين لديهم العديد من القنوات للاختيار بينها، وفي الوقت ذاته أصبح لديهم معلومات أكثر ولذلك أصبحوا أكثر انتقاء فيما يشاهدون.
ويقول سلام "الآن علينا أن نستضيف أشخاصًا معينين ]يتوقعهم الناس[ . وقد قمنا بتغيير بعض جوانب تقديم برامجنا، فالآن يمكن إحضار بعض الضيوف في الاستوديو كي يشاركوا في النقاش، كما أننا ]نقدم بعض الأفكار الجديدة[ مثل برنامج معز مسعود الأخير الذي قام بتصويره في الشارع. ويجب علينا البحث عن طرق جديدة أكثر إثارة لإعجاب ]مشاهدينا[."
ويقول سلام "تستهدف قناة اقرأ كل الأشخاص، من كبار العائلة إلى المتزوجين حديثًا والشيوخ والصغار والكبار." وتستخدم القناة الاستفتاءات عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني والإفادة بالرأي عن طريق الهاتف ومجموعات الدراسة ومبيعات الشرائط والكتب لمعرفة الشيوخ الأكثر طلبًا. فمن المعروف أن بعض الشيوخ أكثر شعبية من غيرهم، وبعضهم أكثر تحفظًا من غيرهم. فهل تختار القنوات الشيوخ الذين تستضيفهم؟
ويقول سلام "لا بد أن يوجد الاختلاف في الرأي، وإلا فلن تكن هناك أربعة مذاهب فقهية. وعلينا أن نعطي كل شخص ما يريده، فنحن لا نسمح لقناتنا بأن تتحرك في اتجاه واحد فقط كي ترضي نمطًا واحدًا من المسلمين."
وبالرغم من كونها أصبحت اسمًا معروفًا، فإن قناة اقرأ لا تحقق ربحًَا، بل إنها في الحقيقة لا تغطي حتى تكاليفها، فهي لا تغطي إلا نصف تكاليف إدارتها تقريبًا. ويكمن السر وراء استمرار مثل تلك القناة بالرغم من الخسائر في ارتباطها بالدين.
يقول سلام "إن قناة اقرأ ليست مشروعًا هادفًا للربح، ولكنها مشروع دعوي إسلامي إنساني ضخم. ونحن محظوظون للمشاركة في مثل هذا المشروع الرائع، كما أننا نحصل أيضًا على مقابل مادي، فالشيخ صالح كامل مؤسس القناة يغطي الخسائر ويعتبر ذلك إسهامًا شخصيًا منه في الدعوة."
وبالرغم من أن سلام يعترف بأن النفقات يمكن تقليلها وأن الميزانية الضخمة المخصصة لمجالات مختلفة مثل التسويق يمكن تخفيضها، فإنه يرجع الخسائر إلى أن الإعلانات التجارية في القنوات الدينية غير مربحة مثل نظيراتها في القنوات الترفيهية. وماذا عن شريط الرسائل القصيرة المزعج في أسفل الشاشة؟ عندما توجهنا إليه بذلك السؤال، هز كتفيه باستهجان وقال "إنه لا يجلب سوى بعض الملاليم."
ولا يوجد طريقتان لتفسير الأمر، ففي هذا المشروع على ما يبدو (على الأقل بالنسبة لشخص واحد) تعتبر أهداف الربح ثانوية بالنسبة للهدف النهائي وهو زيادة الوعي والمعرفة الإسلامية. وبالرغم من أن ميزانية التسويق المخصصة لقناة اقرأ ضخمة وتتضمن الإعلان في وسائل الإعلام وخارجها، فإن الهدف يتجاوز الربح المادي. ويقول سلام "عندما نقوم بالإعلان أو الترويج للقناة، لا يكون ذلك فقط للمكاسب المادية، ولكننا ]نرسل رسالة[ ونقوم بنشر الأيديولوجية الخاصة بنا."
ويوجد بعض الجدل المثار حول ما إذا كان الشيوخ الذين يظهرون في برامج التليفزيون يعتنقون نفس الأيديولوجية فيما يتعلق بتحقيق الربح من واجباتهم الدينية.
وبالرغم من أن أرباح الدعاة والشيوخ غير معروفة بالضبط، فقد حاولت الصحافة المصرية تقدير دخلهم. ففي سبتمبر الماضي، أعلنت جريدة أخبار البرلمان أن عمرو خالد يتقاضى 2 مليون جنيه عن كل برنامج جديد. وفي نفس الشهر، أعلنت جريدة المسائية المصرية أن كلاً من محمد حسين يعقوب ومحمد حسان (وهو أول شيخ تصدر له شرائط بشكل قانوني في مصر) يربح 100000 جنيه شهريًا، بينما يربح خالد الجندي 60000 جنيه شهريًا، ويحصل الشيخ يوسف القرضاوي على 10000 مقابل الظهور في أي برنامج. وهذه الأرقام مشكوك في صحتها بشكل كبير، فالجريدة الثانية المذكورة أعلنت أن عمرو خالد لا يتقاضى أموالاً في مقابل عمله.
وتختلف تقديرات فوربس أرابيا لتلك الأرقام، ففي مارس أعلنت المجلة ان عمرو خالد أغنى داعية إسلامي في العالم، حيث قدرت دخله في عام 2007 بحوالي 2,5 مليون دولار (أو ما يعادل 13,4 مليون جنيه مصري)، ولكن عمرو خالد أنكر هذا الرقم من خلال الصحف وبشكل شخصي.
وفي قائمة فوربس، جاء في المركز التالي لعمرو خالد الداعية الكويتي طارق السويدان الذي قدر صافي دخله بحوالي مليون دولار (أو ما يعادل 5,35 مليون جنيه مصري). وجاء في المركز الثالث الشيخ السعودي عائض القرني مؤلف الكتاب الشهير "لا تحزن"، حيث قدر دخله بحوالي 533000 دولار (أو ما يعادل 2,9 مليون جنيه مصري). وجاء في المركز التالي الداعية المصري المقيم في الإمارات عمر عبد الكافي، حيث قدر دخله بحوالي 373000 دولار (أو ما يعادل 2 مليون جنيه مصري) ثم السعودي سلمان العودة الذي قدر دخله بحوالي 267000 دولار (أو ما يعادل 1,4 مليون جنيه مصري). وقد قدرت فوربس صافي الدخل بناء على مجموعة من المصادر منها أجر الظهور في التليفزيون وحقوق الملكية الفكرية من التسجيلات والأرباح التي يحصلون عليها من مبيعات الكتب.
ويقول سلام "إنني أؤمن بأنه لا مشكلة في استفادة الشيوخ والدعاة والعلماء ماديًا من الظهور في التليفزيون أو إلقاء المحاضرات أو السفر. بل على العكس، فمن الضروري أن ]نعطيهم مقابلاً ماديًا جيدًا[. فعندما أضمن للداعية دخلاً كافيًا له ولأسرته ومستوى معيشي مناسب، لن يكون مثقلاً ]بالهموم[ حول المعيشة، وبالتالي سوف يكون مجهزًا بشكل أفضل لممارسة الدعوة وقراءة الكتب والمساهمة. ثم إن لاعبي الكرة والمطربين والممثلين يحصلون على الملايين، والشيوخ أيضًا يمتهنون مهنة مطلوبة، فلذلك لا مشكلة في إعطائهم ما يريدون وأكثر."
وبالنسبة لقناة اقرأ، يتوقع سلام ازدياد جمهور القناة في المستقبل. "فقد مل الناس التفاهات، فماذا يمكنهم أن يشاهدوا؟ ماذا يشاهدون بعد الفيديو كليب ومسلسلات التليفزيون ومباريات كرة القدم؟ سوف ]يبدأون بمشاهدتنا[."
السياحة الدينية
ربما تكون الصناعة الأشهر في تحقيق الربح هي السياحة الدينية التي تتضمن رحلات الحج والعمرة. ونظرًا لأن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة والعمرة طقس ديني مقدس، فإن عدد الناس الذين يذهبون للحج يزداد كل عام بالآلاف. ففي العام الماضي، ذهب حوالي 2 مليون شخص لتأدية فريضة الحج. بل إن الأمر يتجاوز ذلك، فقد أنشئت صناعات صغيرة لتلبية احتياجات الحجاج، بما فيها حلاقين مخصصين بجوار الكعبة لمساعدة الحجاج في تأدية شعائر الحلق والتقصير ومذابح مخصصة لذبح الأضحيات المطلوبة في الحج.
ويتكلف الحج على الأقل 18000 جنيه، بينما تصل تكلفة الحج السياحي إلى 120000 جنيه. ويقوم أشرف شيحة مالك ومؤسس شركة هانوفي ترافل، وهي وكالة خمس نجوم للسياحة الدينية مقرها في مصر، بتنظيم رحلات الحج من الطراز الفاخر. فبعد التخرج وتأدية الخدمة العسكرية، عمل أشرف شيحة في شركة ثلاث نجوم للسياحة الدينية لعدة سنوات. وبعد أن تعلم أسرار العمل وعقد علاقات شخصية قوية، افتتح شركة هانوفي ترافل منذ 19 عامًا مع مجموعة من أصدقائه.
يقول شيحة "لقد صممنا على تحقيق هذا الأمر ورأينا أنه علينا التركيز والتخصص والتميز عن بقية المنافسين. وقد اخترنا مجال ]السياحة الدينية[ لأنه لا ينقطع أبدًا. وبمرور الأعوام، زادت مصداقيتنا وأصبحنا الآن أكثر شركة معروفة في هذا المجال."
وتتضمن الرحلات التي تنظمها شركة هانوفي رحلات شهرية للعمرة، ما عدا شهر رمضان الذي تنظم فيه أربع رحلات وشهر شعبان الذي تنظم فيه رحلتين من أجل تلبية الطلب المتزايد. وفي الأعوام الأخيرة، يؤكد شيحة أن هانوفي حصلت على أعلى عدد من حجوزات الطيران في الخطوط الجوية السعودية ومصر للطيران، كما أن حوائط مكتبه مغطاة بشهادات التقدير التي حصل عليها من الخطوط الجوية والفنادق.
ويقول شيحة أن فريق العمل المكون من ثلاثين شخصًا في القاهرة يعمل بدقة شديدة من أجل تلبية رغبات خمسة آلاف عميل كل عام. كما يضيف قائلاً "يقول الناس أننا نفرض أسعارًا باهظة، ولكن العميل يحصل على ما يدفع ثمنه. وهناك الكثير من مستويات الأسعار في السوق، وكل يختار المستوى الذي يريده." وبالرغم من النقد العاصف الموجه للارتفاع اللانهائي في أسعار الحج، يؤكد شيحة أنه لو لم يكن العملاء راضين عن الأسعار والخدمات فلن يكون هناك قائمة انتظار للحج مكونة من 400 شخص، كما أنه يعزو ذلك الارتفاع إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام في تلك الصناعة، حيث يقول "إذا كان الهيلتون يعطيني الغرف مقابل 30000 ريال (42725 جنيه مصري) في أحد الأعوام وفي العام التالي تزيد القيمة إلى 46000 ريال (65000 جنيه مصري)، فليس ذلك خطأي." ويتراوح هامش الربح الذي يحققه شيحة بين 3,5 و4%، بالرغم من أنه يؤكد أن ذلك الهامش يجب أن يكون 10%.
"إن هامش الربح الخاص بي ثابت. وعندما رأيت أن الأسعار قد ارتفعت، لم أشعر أنه بإمكاني رفع الأسعار أكثر من ذلك. ووجهة نظري في ذلك أن تحقيق نسبة عالية من الربح ليس دائمًا المعيار الأهم، ولكن هدفي إرضاء العملاء."
هل ينبع ذلك الاعتقاد بأن الأمر متعلق بالإسلام؟ يجيب على ذلك السؤال قائلاً "بالطبع، فنحن نحاول إرضاء ]العملاء[ ويسعدنا أن نعمل بجد أكثر لأننا نحصل على الثواب في الدنيا والآخرة. ]وكوني أقدم شيئًا للإسلام[ يجعلني أشعر بالرضا عن نفسي، كما أشعر أن الله قد خلقني مستعدًا للقيام بتلك المهمة، ولذلك فإني أؤديها بعناية شديدة."
وبالنسبة للاتهام الآخر بأن الحج مع شركة هانوفي يشبه قضاء أجازة على مستوى خمس نجوم، حيث توجد موائد عامرة بالكابوريا ويقضي الحجاج أوقاتهم في الخيام يتحادثون في أيام العبادة، يرد شيحة على ذلك الاتهام بأنه يحاول منع الحج من التحول إلى مجرد مناسبة احتفالية عن طريق تقديم تجربة دينية شاملة للعملاء، بما فيها تنظيم الخطب في وقت الحج. ويضيف قائلاً "إنني أحاول الوصول إلى شيوخ يرضون جميع الأذواق، فواحد للفتاوى وآخر للقرآن والدعاء وثالث للحديث العام. وبقدر الإمكان، أهتم بالجانب الديني مثلما أهتم بالجانب الإداري."
هل يرى شيحة أن هناك تناقضًا في المرور بتجربة من المفترض أن تكون باعثة على التواضع في طائرة خاصة؟ يرد على ذلك قائلاً "إنني أقوم بإرضاء شريحة معينة من المجتمع. أوليس من الأفضل لنا ]في مصر[ أن نقوم بتلبية تلك الاحتياجات بدلاً من يأتي أحد من الخارج ليفعلها؟ فقد كان بعض الناس يحضرون طائرات خاصة من سويسرا، فلم لا ننشئ منتجات لشريحة معينة مستهدفة لديها القدرة على شراء تلك المنتجات؟” وفي نهاية الأمر، يقول شيحة أنه يقدم خدمة للعملاء، وما إذا كانت تلك الخدمة مبالغ فيها وباهظة التكلفة أم لا فذلك أمر لا علاقة له بالموضوع.
لقد انتبه العالم بما فيه مصر للسوق الإسلامية الكبيرة والتي ما زالت قابلة للاستغلال. والصناعات المذكورة في هذا المقال لا تمثل إلا جزءًا ضئيلاً من الحقيقة، فمن الاقتصاد الإسلامي وصناعة الموالد للكتب والمدارس الإسلامية تعتبر السوق صناعة هائلة لديها القدرة على النمو.
وتشترك صناعة الحلال في بعض الأسس مع بعض القطاعات الأخرى، ولكن الحكمة القديمة التي تقول بأنه “لا توجد اعتبارات أخرى في العمل” ليست صحيحة تمامًا. فبالنسبة لبعض الناس في المشروعات المتعلقة بالإسلام، تشكل حقيقة ارتباط العمل بالإيمان فارقًا كبيرًا، مما يتيح لهم تجاوز الربح المادي للخدمات التي يقدمونها إلى شيء أكبر مما يمكن للمال أن يشتريه.
منقول
إن جميع المسلمين “إخوة” و”أخوات” في الإسلام، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصناعات “الحلال” فإنه لا اعتبارات أخرى في العمل…أليس كذلك؟
بقلم محمد الجزائري
عندما يتعلق الأمر بـ 1,8 مليار مسلم حول أنحاء العالم يتطلبون العديد من المنتجات التي تتوافق مع مبادئهم الدينية، وهي المتطلبات التي يسارع أصحاب الأعمال لتلبيتها، فيمكننا القول بأن الإسلام سلعة رائجة. وبالرغم من أن البعض يتخيلون أن سوق المنتجات الحلال العالمي لا تتعلق إلا بالطعام، فإن تلك السوق في حقيقة الأمر شاملة، حيث إنها تضم كافة قطاعات الأعمال التي ترتبط بنمط حياة المسلمين، من الملبس والسفر إلى الاقتصاد والعقارات. ولذلك تختلف تقديرات قيمة السوق حسب مجموعة المنتجات المعنية.
ويقدر معرض سنغافورة الدولي للمنتجات الحلال، وهو معرض يقام سنويًا لبيع المنتجات الحلال، القيمة السنوية للسوق الحلال بـ 560 مليار دولار (أو ما يعادل 3 تريليون جنيه مصري)، بينما يقدر معرض الحلال العالمي الذي يقام بأبو ظبي المهتم بالصناعات الحلال تلك القيمة بـ 2,1 تريليون دولار (أو ما يعادل 11,2 مليون جنيه مصري). وتقدر جريدة الحلال التي تطلق على نفسها الجريدة الرسمية لتجارة الصناعات الحلال تلك القيمة بـ 580 مليار دولار (أو ما يعادل 3,1 تريليون جنيه مصري). وأيًا كانت القيمة المقدرة، فمن الواضح أن المنتجات الحلال مشروع مربح.
وفي مصر، يلعب الدين دورًا هامًا في حياة معظم الناس. فمنذ عصر الفراعنة، تميز المصريون بالتدين العميق سواء أكانوا من الوثنيين أو المسلمين أو المسيحيين أو اليهود. وعلى الرغم من ذلك، فقد تحولت المدن الكبرى في مصر مع الاستعمار إلى مراكز عالمية أكثر من كونها مراكز دينية. واستمر ذلك الوضع حتى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين عندما اجتاحت البلاد ما أطلق عليه صحوة إسلامية، وأخذت الهوية الإسلامية المحافظة تتغلب على الهوية القومية للمسلمين من سكان مصر.
وقد انعكست تلك الصحوة في عدد المساجد في مصر. فطبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كان هناك في عام 1986 مسجدًا لكل 745 نسمة بالرغم من كون عدد السكان قد تضاعف تقريبًا.
واليوم، وحيث يقدر عدد المسلمين بحوالي 90% من السكان – أي حوالي 72 مليون نسمة – فإن “عودة” الإسلام نتج عنها تدفق المشروعات التجارية التي تهدف إلى تحقيق الربح من خلال الاهتمام المتزايد بالمنتجات الحلال. وتسعى تلك المشروعات التجارية إلى إشباع بعض الحاجات التي لم يكن يتم إشباعها في الماضي، وهي تتمثل في تمكين الناس من تنفيذ أوامر الإسلام في العالم المعاصر. وسواء أكان ذلك يتعلق بارتداء ملابس محتشمة وعصرية في الوقت ذاته أم أداء الحج بطريقة عصرية، فإن الشركات تتنافس على مواكبة تلك السوق المزدهرة.
وقد أجرت مجلة Business Today المصرية حوارًا مع قادة السوق في أربع صناعات ترتبط أرباحها مباشرة بالإسلام، وذلك من أجل معرفة ماذا يحدث عندما تتداخل الدنيا مع الدين في العمل.
حجابي ستايل
بالرغم من كونهن أقلية في يوم من الأيام، فإن المحجبات قد أصبحن الآن أغلبية ساحقة في مصر. وعندما أدرك رجال الأعمال أن تلك السوق ذات احتمالية كبرى للاستثمار، سارعوا إلى صنع منتجات لإرضاء احتياجات العميلات المحجبات.
وربما تكون أول الشركات استجابةً تاي شوب، وهو محل مخصص لبيع أغطية الرأس من كافة الألوان والأنواع والأقمشة. ومن أغطية الرأس المصنوعة من المخمل إلى تلك المصنوعة من الشيفون المرصعة بالترتر أو الخرز، تخطفت تلك الأغطية من رفوف المحل.
وبالرغم من كونه سابقًا مجرد قطعة من القماش تلف مرة أو مرتين حول الرأس، فقد أصبح الحجاب الآن متأثرًا بتيار الموضة، حيث قد يستغرق ارتداء الحجاب الآن حوالي ساعة. كما أدى الحجاب أيضًا إلى ظهور تجارات أخرى مكملة، فبعض المجلات مثل مجلة حجاب المحلية تعرض صور فتيات يرتدين الحجاب بطرق مختلفة، كما أن تلك المجلات تفرد صفحات خاصة لشرح كيفية تعلم ربطات جديدة للحجاب. كما دخل مصففو الشعر أيضًا في اللعبة، حيث يمكن للمحجبة أن تقوم بزيارة مصفف الشعر لربط الحجاب بالطريقة التي ترغب بها (مثل الحجاب الأسباني)، أو يمكنها دعوة مصممي تسريحات الشعر المتخصصين إلى المنزل لربط الحجاب بأسعار تتراوح بين 100 جنيه و700 جنيه.
وماذا بعد الحجاب؟ الملابس بالطبع. فقد أصبح تزويد المرأة المسلمة المحافظة باحتياجاتها مشروعًا ضخمًا، حيث لا تبيع بعض المحلات سوى الملابس الطويلة المحتشمة ذات الرقبة العالية. ويقوم السلام شوبينج سنتر الذي يقع بالقرب من رمسيس هيلتون بتوفير احتياجات المحجبات حصريًا، حيث يبيع كل شيء من أحدث الصيحات إلى العباءات.
وتقوم بعض المحلات مثل سلسلة محلات المحجبة بإصدار تصميمات جديدة كل بضعة أشهر، كما أنها تستخدم حيلاً إعلانية مثل الاستعانة بإحدى الممثلات المشهورات اللاتي ارتدين الحجاب للإعلان عن منتجاتها الجديدة. وعلى غرار الصحوة الإسلامية، فقد انتشر ارتداء ملابس المحجبات ليشمل كافة قطاعات المجتمع، حيث تقوم العديد من ماركات الملابس الشهيرة بافتتتاح محلات تباع فيها العباءات السوداء بأسعار تبدأ من 1000 جنيه.
وربما يكون أكثر المنتجات التي ظهرت لتلبية احتياجات المحجبات نجاحًا هو القميص الضيق ذو الأكمام الطويلة والرقبة العالية الذي يأخذ شكل الجسم ويباع بـ 60 جنيهًا. وقد حققت شركة كارينا – المصنّع الرئيسي لذلك النوع – نجاحًا باهرًا لدرجة أن اسم الشركة أصبح مرادفًا لذلك النوع من الثياب. وقد افتتحت الشركة 25 فرعًا في مصر خلال 3 سنوات، وهي قصة نجاح مذهلة طبقًا لهنا يوسف – مدير التسويق بشركة كارينا التي أعلنت أن المنتج ترتديه على الأقل 90% من الفتيات والسيدات في الجامعات الحكومية.
وقد قالت السيدة هنا يوسف “قبل أن نقوم بصناعة كارينا، لم يكن باستطاعة المحجبات ارتداء أي شيء يرغبن فيه. لذلك فقد صممنا القميص الضيق ذو الأكمام الطويلة والرقبة العالية الذي يأخذ شكل الجسم والذي يمكن للمحجبات ارتداؤه تحت أي شيء يرغبن فيه ليحافظن على احتشامهن.” وتصنع منتجات كارينا من الليكرا المستورد من سويسرا الذي يتميز بالمسام التي تسمح للجلد بالتنفس وبكونه مطاطًا ومصنوعًا من قطعة واحدة ويتخذ شكل الجسم.
وتقول السيدة هنا يوسف “إننا لا نستهدف المسلمات فقط، ولكن ذلك النوع من الثياب مناسب لغير المحجبات أيضًا، فهو يفيد أي امرأة ترغب في ارتداء ملابس محتشمة. وكل ما في الأمر أن معظم عملائنا من المسلمات.”
ومع نجاح القميص التقليدي ذي الأكمام الطويلة، قامت شركة كارينا على الفور بتوسيع نشاطاتها لتشمل منتجات أخرى مماثلة، بدءًا من التي شيرت ذي الأكمام الطويلة وحتى القمصان بلا أكمام التي ترتديها الفتيات في سن الرابعة عشرة. ويشمل خط الإنتاج الآن أكثر من 60 نوعًا من أنواع الملابس الخارجية والداخلية للنساء، بدءًا من السراويل ومشدات الخصر حتى القمصان المرصعة ذات الأكمام الطويلة والحجاب.
وتمتلك كارينا ثلاثة مصانع وقسم لخدمة العملاء وفريق عمل يسافر إلى إيطاليا مرتين سنويًا لحضور معارض الأزياء. وتقول السيدة هنا يوسف أن كارينا قد تفوقت حتى على ماركة الأزياء العالمية مانجو في صناعة السراويل الفضية والذهبية “المثيرة” منذ عامين. كما تؤكد قائلة “إننا نفعل كل ما بوسعنا من أجل إصدار منتجات تعكس أحدث الصيحات.”
وبالرغم من أنها لم تفصح عن الرقم تحديدًا، فإن السيدة هنا يوسف تعترف بأن ميزانية التسويق الخاصة بشركة كارينا “ضخمة”. فقد وضعت لوحة إعلانات ضخمة فوق كوبري 6 أكتوبر لعدة شهور، كما تنتشر إعلانات كارينا المصغرة في كل مكان وتوجد منافذ بيع كارينا الصغيرة في كل مكان في البلاد. وطبقًا للسيدة هنا يوسف، فقد تفوقت كارينا على منافسيها بسهولة، وهي تقول “لا أرى أن لدينا منافسين على الإطلاق، ولكن هناك بالطبع بعض الشركات التي قامت بمحاكاتنا.”
ولأن السوق مليئة بالخيارات فيما يتعلق بالملابس، فقد وجد التجار سوقًا مصغرة تستهدف النساء الأكثر محافظة، وهي تتمثل في الخدمات التي تقدم للنساء فقط مثل قاعات الرياضة الخاصة بالسيدات والشواطئ الخاصة بالسيدات ومصففي الشعر الخاصين بالسيدات والمقاهي الخاصة بالسيدات.
وتمتلك الفنانة حنان ترك التي ارتدت الحجاب حديثًا محل صبايا، وهو محل ومصفف شعر ومقهي للسيدات فقط. وتقول حنان ترك أن المسيحيات وغير المحجبات غير مسموح لهن بالدخول، وذلك لأن هذا المشروع مبني على أسس إسلامية، ويعتبر تجميل السيدة التي تكشف عن مفاتنها ضد مبادئ الإسلام.
وتقول حنان ترك أنها تفضل التمسك بمعتقداتها عن الربح، فهي تمنع عددًا كبيرًا من الزبائن المحتملين حفاظًا على القيم التي تعتنقها. ولكن في حالات أخرى، يبدو أن الدافع مادي وليس المحافظة على القيم، فبعض المشروعات تفرض أسعارًا مبالغ فيها على العملاء الذين يرغبون في منتجات وخدمات ومواقع خاصة. فعلى سبيل المثال، تبلغ قيمة تذكرة الدخول في شاطئ لا فام النسائي في مارينا 100 جنيه. وهذا الشاطئ لا يسمح إلا بدخول السيدات فقط، ولكن ذلك لا علاقة له بالمبادئ الإسلامية، فالسيدات يذهبن هناك وهن مرتديات العباءات ثم يخلعن ملابسهن ويرتدين البكيني ويرقصن على أنغام الموسيقى، وهي الأشياء التي يعتبرها المسلمون المحافظون تتعارض مع السلوك الإسلامي القويم.
صوت الدين
في يوم من الأيام، كانت الكتب هي المصدر الوحيد المتاح للمعرفة الإسلامية، ولكنها كانت مرتفعة الثمن بالنسبة للطبقة المتوسطة من المصريين وكان جزء كبير من المجتمع ما زال أميًا. وغالبًا ما كان الرجال يفضلون ارتياد المساجد من أجل الاستماع إلى خطب الشيوخ.
ولكن لم تكن هناك طريقة لإعادة الاستماع للخطبة لاحقًا أو تسجيلها لمن لم يتمكنوا من الاستماع إليها. وبالرغم من دخول الكاسيت إلى مصر في الستينيات من القرن العشرين، فلم يكن متاحًا سوى شرائط القرآن، وذلك لأن الأزهر لم يكن يعطِ رخصة لتسجيل المحاضرات خوفًا من انتشار مثل تلك المحاضرات. وقد نتج عن ذلك قيام الباعة بتسجيل الشرائط بشكل منفصل وبيعها خفية. ولكن الحاج إبراهيم الطبلاوي غير كل ذلك.
أنشأ الحاج إبراهيم الطبلاوي ابن قارئ القرآن المشهور الشيخ محمود الطبلاوي شركة مسك للتسجيلات الإسلامية في بداية الثمانينيات من القرن العشرين من أجل تسجيل المحاضرات التي يلقيها والده. واستمر في ذلك الطريق لفترة يقوم بتسجيل محاضرات والده وبعض الشيوخ الآخرين من خلال معارف والده. واستمر الوضع كذلك حتى عام 1991. وفي يوم من الأيام كان يركب السيارة مع صديق له فاستمع إلى محاضرة على شريط كاسيت عن وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) للشيخ محمد حسان. وعندما استفسر عن مكان إنتاج تلك المحاضرة، وجد أنها قد أنتجت بشكل غير قانوني.
يقول الطبلاوي “لذلك فقد تساءلت لماذا لا نفعل ذلك بشكل قانوني؟ على الأقل يجب أن نحاول. لذلك فقد أخذت الشريط وذهبت إلى الأزهر وأخبرتهم عما أريد أن أفعله. وكانت تلك المرة الأولى التي يفكر فيها أحد في مثل تلك الفكرة، فطلب مني المدير العام وقتًا للتفكير في ذلك الأمر. وعندما عدت إليه بعد أسبوع، طلب مني أن ألخص النقاط الرئيسية في الشريط وأعطيه نسختين من الورق ونسختين من الشريط. وفعلت ذلك وبعد 20 يومًَا أعطوني التصريح.”
ولكي يتفادى المشاكل، حصل الطبلاوي أيضًا على ترخيص من وزارة الثقافة. وكانت تلك بداية تدفق الطوفان. ويقول الطبلاوي “كان رد الفعل هائلاً.” فقد تخطف الناس شريط محاضرة الشيخ محمد حسان، وهو الشريط الوحيد الذي كان يباع بشكل قانوني. وكتبت الصحف أنه كان أكثر الشرائط مبيعًا في البلد.
ولكن شيئًا فشيئًا أصبح السوق متشبعًا. وقام التجار الذين كانوا يبيعون منتجاتهم خفية بمحاكاة الطبلاوي، فأصبحت المنافسة شديدة. وفي ذلك العام في معرض الكتاب الدولي الذي يقام سنويًا بأرض المعارض بمدينة نصر، خصص قسم كبير للشرائط والكتب الدينية. وفي ذروة نجاحها، كانت صناعة الشرائط تدر ربحًا للطبلاوي يبلغ 20%. ولكن لم يكن في الإمكان تحقيق ربح أكبر من ذلك، فالشرائط الإسلامية كانت تباع بسعر يتراوح بين 95 قرشًا و1,35 جنيهًا مقارنة بالشرائط الغنائية الأكثر ربحًا التي تباع بسعر يتراوح بين 5 و10 جنيهات للشريط الواحد.
ويوضح الطبلاوي قائلاً “في بداية الأمر، كان المنحنى عاليًا لأن السوق كانت جديدة، وكان هناك طفرة كبيرة في الإنتاج. ثم قل الكم الذي تنتجه كل شركة بسبب زيادة عدد المنافسين في السوق.”
ومع تزايد شعبية الداعية التليفزيوني عمرو خالد في عام 2000، ازدهرت صناعة الشرائط الإسلامية. فقد هرع العديد من الناس لشراء شرائط عمرو خالد، كما زادت مبيعات شرائط القرآن وشرائط المحاضرات الأخرى. وبالرغم من كون حقوق النسخ لشرائط عمرو خالد محفوظة لشركة النور، وهي قائدة السوق الحالية، فإن الأرباح تدفقت إلى منتجي الشرائط الآخرين. وارتفعت مبيعات الشرائط بصورة جنونية، وتغير العملاء من كبار السن في المناطق الريفية للشباب من كافة قطاعات المجتمع.
وبالرغم من ذلك، فإن العديد من الشركات تحصل على أرباحها الآن من تصنيع الشرائط وليس من التسجيلات الجديدة للشيوخ. وتقوم شركة مسك بتفويض شركات أخرى للإنتاج، وتحاول في الوقت ذاته إحضار شيوخ جدد من كافة أنحاء العالم، ولكن الشركة ومنافسيها لم يعودوا يحققوا أرباحًا كبيرة. ويقول الطبلاوي أنه مع اختراع الأقراص المضغوطة (السي دي) التي تقصر مبيعات التسجيلات على الموسرين (وذلك لأن الريفيين ما زالوا متمسكين بالشرائط) ومع ظهور الأقمار الصناعية، فإن تلك السوق لن تنمو أكثر من ذلك.
ويوضح قائلا “لدينا الآن الأقمار الصناعية، وأصبح الناس لديها القدرة على الوصول للتسجيلات الصوتية والمرئية[1] في كافة القنوات، وهم يرونهم ]الشيوخ[ كل يوم، بل يمكنهم أيضًا التحدث إليهم على الهواء مباشرة. وحتى بالنسبة للاستماع للقرآن، هناك قناة المجد التي يمكن للناس الاستماع للقرآن من خلالها. وهكذا، فقد اختلف الأمر." ولكي يستمر الطبلاوي في السوق، فسوف يدخل مجال المصحف الإلكتروني المحمول، وهو يؤكد أنه سوف يستمر في مجال إنتاج الشرائط بالرغم من تناقص الربح، وذلك لأنه يشعر أنه "يقدم شيئًا مفيدًا للمسلمين".
ويضيف الطبلاوي قائلاً "لا يهم نوع العمل الذي تزاوله. فقد يوجد من يطلق لحيته ويرتدي الجلباب لكنه يسرق، وما يهم هو النية. وطالما أن المنتج الذي تقدمه ليس حرامًا، يمكنك أن تفعل أي شيء. فعلى سبيل المثال، لا يمكنك العمل في صناعة الخمور أو القمار وفي الوقت ذاته تدعي أنك "تعمل بضمير". وكون عملي مرتبطًا بالدين لا يجب أن يكون أمرًا ذا بال، فيجب على المرء أن يكون أمينًا في كل ما يفعله، وعندها يطرح الله البركة في عمله. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تعمل في مجال العقارات، فقد تخبر أحد الأشخاص أن تلك الشقة مساحتها 200 متر بينما مساحتها الحقيقية 150 مترًا فقط. وعليك أن تستخدم نفس المعايير في أي عمل تقوم به. وهناك حديث نبوي شريف يقول "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا[2]…“
الموسيقى الحلال
بالرغم من كون شرائط المحاضرات الإسلامية وشرائط القرآن في تناقص، فإن نوعًا آخر من الشرائط الإسلامية تزداد شعبيته وهو الأناشيد أو الأغاني الإسلامية. ويزداد عدد الفرق الإسلامية التي تظهر على الساحة كل يوم، ولكن رائد ذلك المجال بالطبع هو سامي يوسف.
وقد عثر بارا خريجي، وهو شريك في تأسيس شركة الصحوة الإسلامية للتسجيلات الموسيقية وصديق سامي يوسف منذ الطفولة، بالمصادفة على تلك السوق المربحة: الشباب الذين يريدون الاستماع إلى الموسيقى ولكنهم في الوقت ذاته يخشون أن كلمات الأغاني التي تدور حول الجنس والعنف محرمة. وقد رأى خريجي أن تلك السوق ينقصها الكثير من الخدمات، لذلك فقد انقض عليها مع شريكه شريف حسن البنا. ونظرًا لقلة الخيارات المتاحة لأولئك الذين يرغبون في الاستماع إلى نوع مختلف من الموسيقى، حقق ألبوم سامي يوسف “المعلم” الذي أصدر عام 2003 نجاحًا باهرًا، حيث بيع منه الملايين من النسخ، ويبدو أن نغمات أغانيه أصبحت رنات الهاتف المحمول في مصر بأكملها. كما أن ألبومه الثاني “أمتي” بيع منه أكثر من ثلاثة ملايين نسخة في كافة أنحاء العالم.
ولم يقم خريجي فقط بتقديم ذلك النوع من الموسيقى الإسلامية الحديثة، ولكنه أيضًا أنشأ أول فيديو كليب غنائي إسلامي، وكان رد الفعل مدهشًا. وقد تم تصوير أغنية سامي يوسف “حسبي ربي” في أربعة دول مختلفة: المملكة المتحدة والهند وتركيا ومصر، وهو حدث فريد من نوعه في تاريخ الفيديو كليب الغنائي كما يؤكد خريجي. وقد احتلت تلك الأغنية أعلى المراكز في القنوات التليفزيونية في كافة أنحاء العالم، وأصبحت تذاع على أشهر قنوات الأغاني العربية، بما فيها أكثر قنوات الأغاني شعبية في العالم العربي: ميلودي ومزيكا. والنتيجة؟ بيعت خمسة ملايين نسخة من ألبومات سامي يوسف في العالم كله وأصبح له 16 مليون نتيجة عند البحث على صفحات الإنترنت.
ويقول موقع الإنترنت الخاص بالشركة “بدلاً من اتباع نفس الطريق الذي اتخذه منافسونا، فإن تسجيلات الصحوة تهدف إلى وضع معايير جديدة بكل الطرق الممكنة، وذلك عن طريق احترام الماضي مع النظر إلى المستقبل. ونحن نرغب في تقديم رؤية عصرية تتسم بالحيوية للإسلام من خلال منتجاتنا.” ويؤيدها خريجي في ذلك الرأي، حيث يقول “إن منتجاتنا ذات جودة عالية، فهي ذات هدف ترفيهي وتعليمي وروحاني.]…[ ومن خلال ألبومات الموسيقى الإسلامية، تسعى شركة الصحوة إلى إعادة تعريف مصطلح "إسلامي" بحيث يشمل "كل ما هو جيد" ويوضح توافق الحياة العصرية مع الإسلام."
وقد أصبحت تسجيلات الصحوة أحد قادة السوق، وهي تتمتع باسم تجاري قوي، فهي تتلقى عروضًا من فنانين طموحين يوميًا وتتمتع بشبكة توزيع تغطي 52 دولة من أذربيجان إلى أستراليا. وقد أصبحت الشركة الآن مؤسسة تحمل اسم مجموعة الصحوة الموسيقية، وينضوي تحتها ثلاث شركات تابعة لها.
وقد قامت تسجيلات الصحوة بالحصول على شراكات مع شركات النقل الدولية DHL وUPS، وهي تمتلك المخازن والاستديوهات الخاصة بها، بالإضافة إلى موقع الإنترنت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مع تسهيلات التجارة الإلكترونية التي كما يقول خريجي "تمكننا من البيع مباشرة للجمهور دون وسيط، مما يزيد من الأرباح." وتمتلك الشركة الآن ثلاثة مكاتب حول أنحاء العالم، ويقع فرع الشرق الأوسط في مصر، وهو يضم ستوديو تسجيل داخلي مصمم خصيصًا. وحتى الآن، قامت تسجيلات الصحوة بضم ثلاثة عشر فنانًا وإصدار ستة ألبومات وإقامة أكثر من 150 حفلة والحصول على دعم من الشركات تبلغ قيمته مليون دولار (أو ما يعادل 5,35 مليون جنيه) من الشركات متعددة الجنسيات وعقد صفقات توزيع مع شركة أفلام باراماونت وآي تيونز وموسيقى MSN وفيرجين، كما حصت على رعاية شركة فودافون متعددة الجنمسيات للاتصالات لأغاني الفيديو الكليب الخاصة بسامي يوسف على القنوات الفضائية.
افتح القنوات الفضائية
قد تكون البرامج الدينية في القنوات الفضائية ساهمت في إضعاف صناعة الشرائط، ولكن صناعة التليفزيون نفسها في ازدهار مستمر في كافة أنحاء العالم. ومن الطريف أن كلمة "اقرأ"، وهي أول كلمة من القرآن نزلت على الرسول (صلى الله عليه وسلم)، هي أيضًا اسم أول قناة دينية أسسها الشيخ صالح كامل.
وقد بدأ بث تلك القناة المجانية عام 1998، وأصبحت أحد عمالقة السوق. فقبل ذلك، لم تكن هناك أي قناة مخصصة بالكامل لتزويد المشاهدين بالبرامج الدينية والترفيهية. وتنتشر مكاتب اقرأ الخمسة في الشرق الأوسط، حيث يقع الاستديوهان الرئيسيان في السعودية ومصر، بينما تقع المكاتب الأخرى في الأردن ولبنان والكويت. ولمدة 6 أعوام، قامت قناة اقرأ باحتكار السوق، وطبقًا لإحصائية أجريت بواسطة مجلس الوزراء المصري، كانت قناة اقرأ أكثر القنوات الفضائية مشاهدة في مصر عام 2004.
وتقدم قناة اقرأ برامج دينية تعالج موضوعات متعلقة بكافة جوانب المجتمع، مثل المرأة والأسرة والفتاوى وبرامج المكالمات على الهواء وكيفية قراءة القرآن في أربعة قارات من العالم. وبالرغم من أن العديد من المنافسين أطلقوا قنوات مشابهة، تبقى قناة اقرأ أكثر قناة مشهورة ولها معجبيها المخلصين.
ويعمل محمد سلام المدير التنفيذي لقناة اقرأ في السعودية في القناة منذ افتتاحها، وهو يقول "لقد أنشئت قناة اقرأ لخدمة قطاع من المجتمع لم يكن يشاهد التليفزيون، حيث إنهم كانوا يعتقدون أنه يتعارض مع القواعد ]الأخلاقية[. ولكننا اكتشفنا بعد ثلاثة سنوات وفوجئنا بأن مجموعات مختلفة من الناس يشاهدون برامجنا، وليس فقط المتحفظين." واستجابة لذلك، بدأت قناة اقرأ في تقديم برامج تناسب جمهورًا أكبر من الناس بحثٵ عن زيادة عدد مشاهديها.
وفي عام 2004، بدأت قنوات إسلامية جديدة في الظهور، بدءًا من قناة المجد والرسالة التي تقدم برامج دينية تستهدف مجموعات مختلفة من المشاهدين على غرار قناة اقرأ. كما أنشئت أيضًا قناة الفجر، وهي قناة مخصصة لقراءة القرآن فقط. واليوم يوجد حوالي 30 منافسًا آخرين في هذا المجال، وهي لا تنطلق فقط من الشرق الأوسط مثل قناة الإسلام اليوم في أوروبا وبريدجز في أمريكا، وهما مثالان على القنوات غير الشرق أوسطية.
ويقول سلام "ولكنني أرى كل تلك القنوات متنافسين في الخير." وطبقًا للتقارير الشهرية التي يتلقاها سلام من شركات الأبحاث، لم تعد قناة اقرأ ضمن القنوات العشرة الأعلى مشاهدة في الشرق الأوسط. ويقول سلام واصفًا تأثير المنافسة المتزايدة وخيارات المشاهدة "عندما تحصل على المركز الرابع من ضمن خمس قنوات دينية يختلف الأمر عن الحصول على المركز التاسع من ضمن ثلاثين قناة دينية."
ويضيف قائلاً "ولكننا لاحظنا أن ]مشاهدينا[ يتميزون بالولاء، وأن مفهوم الاسم التجاري ]جيد[ جدًا. وينسب الفضل لقناة اقرأ في رفع الوعي الإسلامي بين الناس في العالم العربي والإسلامي. فمنذ عشرة أعوام، لم يكن أحد من الناس لديه أدنى فكرة عن السيرة النبوية."
ويوضح سلام أن المشاهدين الأوائل كانوا متعطشين لسماع أي شيء، وكانوا يسعدون بالاستماع إلى أي شيخ يتحدث أمام الكاميرا. ولكن الآن كي تبقى داخل المنافسة، يجب على قناة اقرأ الحفاظ على اهتمام المشاهدين الذين لديهم العديد من القنوات للاختيار بينها، وفي الوقت ذاته أصبح لديهم معلومات أكثر ولذلك أصبحوا أكثر انتقاء فيما يشاهدون.
ويقول سلام "الآن علينا أن نستضيف أشخاصًا معينين ]يتوقعهم الناس[ . وقد قمنا بتغيير بعض جوانب تقديم برامجنا، فالآن يمكن إحضار بعض الضيوف في الاستوديو كي يشاركوا في النقاش، كما أننا ]نقدم بعض الأفكار الجديدة[ مثل برنامج معز مسعود الأخير الذي قام بتصويره في الشارع. ويجب علينا البحث عن طرق جديدة أكثر إثارة لإعجاب ]مشاهدينا[."
ويقول سلام "تستهدف قناة اقرأ كل الأشخاص، من كبار العائلة إلى المتزوجين حديثًا والشيوخ والصغار والكبار." وتستخدم القناة الاستفتاءات عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني والإفادة بالرأي عن طريق الهاتف ومجموعات الدراسة ومبيعات الشرائط والكتب لمعرفة الشيوخ الأكثر طلبًا. فمن المعروف أن بعض الشيوخ أكثر شعبية من غيرهم، وبعضهم أكثر تحفظًا من غيرهم. فهل تختار القنوات الشيوخ الذين تستضيفهم؟
ويقول سلام "لا بد أن يوجد الاختلاف في الرأي، وإلا فلن تكن هناك أربعة مذاهب فقهية. وعلينا أن نعطي كل شخص ما يريده، فنحن لا نسمح لقناتنا بأن تتحرك في اتجاه واحد فقط كي ترضي نمطًا واحدًا من المسلمين."
وبالرغم من كونها أصبحت اسمًا معروفًا، فإن قناة اقرأ لا تحقق ربحًَا، بل إنها في الحقيقة لا تغطي حتى تكاليفها، فهي لا تغطي إلا نصف تكاليف إدارتها تقريبًا. ويكمن السر وراء استمرار مثل تلك القناة بالرغم من الخسائر في ارتباطها بالدين.
يقول سلام "إن قناة اقرأ ليست مشروعًا هادفًا للربح، ولكنها مشروع دعوي إسلامي إنساني ضخم. ونحن محظوظون للمشاركة في مثل هذا المشروع الرائع، كما أننا نحصل أيضًا على مقابل مادي، فالشيخ صالح كامل مؤسس القناة يغطي الخسائر ويعتبر ذلك إسهامًا شخصيًا منه في الدعوة."
وبالرغم من أن سلام يعترف بأن النفقات يمكن تقليلها وأن الميزانية الضخمة المخصصة لمجالات مختلفة مثل التسويق يمكن تخفيضها، فإنه يرجع الخسائر إلى أن الإعلانات التجارية في القنوات الدينية غير مربحة مثل نظيراتها في القنوات الترفيهية. وماذا عن شريط الرسائل القصيرة المزعج في أسفل الشاشة؟ عندما توجهنا إليه بذلك السؤال، هز كتفيه باستهجان وقال "إنه لا يجلب سوى بعض الملاليم."
ولا يوجد طريقتان لتفسير الأمر، ففي هذا المشروع على ما يبدو (على الأقل بالنسبة لشخص واحد) تعتبر أهداف الربح ثانوية بالنسبة للهدف النهائي وهو زيادة الوعي والمعرفة الإسلامية. وبالرغم من أن ميزانية التسويق المخصصة لقناة اقرأ ضخمة وتتضمن الإعلان في وسائل الإعلام وخارجها، فإن الهدف يتجاوز الربح المادي. ويقول سلام "عندما نقوم بالإعلان أو الترويج للقناة، لا يكون ذلك فقط للمكاسب المادية، ولكننا ]نرسل رسالة[ ونقوم بنشر الأيديولوجية الخاصة بنا."
ويوجد بعض الجدل المثار حول ما إذا كان الشيوخ الذين يظهرون في برامج التليفزيون يعتنقون نفس الأيديولوجية فيما يتعلق بتحقيق الربح من واجباتهم الدينية.
وبالرغم من أن أرباح الدعاة والشيوخ غير معروفة بالضبط، فقد حاولت الصحافة المصرية تقدير دخلهم. ففي سبتمبر الماضي، أعلنت جريدة أخبار البرلمان أن عمرو خالد يتقاضى 2 مليون جنيه عن كل برنامج جديد. وفي نفس الشهر، أعلنت جريدة المسائية المصرية أن كلاً من محمد حسين يعقوب ومحمد حسان (وهو أول شيخ تصدر له شرائط بشكل قانوني في مصر) يربح 100000 جنيه شهريًا، بينما يربح خالد الجندي 60000 جنيه شهريًا، ويحصل الشيخ يوسف القرضاوي على 10000 مقابل الظهور في أي برنامج. وهذه الأرقام مشكوك في صحتها بشكل كبير، فالجريدة الثانية المذكورة أعلنت أن عمرو خالد لا يتقاضى أموالاً في مقابل عمله.
وتختلف تقديرات فوربس أرابيا لتلك الأرقام، ففي مارس أعلنت المجلة ان عمرو خالد أغنى داعية إسلامي في العالم، حيث قدرت دخله في عام 2007 بحوالي 2,5 مليون دولار (أو ما يعادل 13,4 مليون جنيه مصري)، ولكن عمرو خالد أنكر هذا الرقم من خلال الصحف وبشكل شخصي.
وفي قائمة فوربس، جاء في المركز التالي لعمرو خالد الداعية الكويتي طارق السويدان الذي قدر صافي دخله بحوالي مليون دولار (أو ما يعادل 5,35 مليون جنيه مصري). وجاء في المركز الثالث الشيخ السعودي عائض القرني مؤلف الكتاب الشهير "لا تحزن"، حيث قدر دخله بحوالي 533000 دولار (أو ما يعادل 2,9 مليون جنيه مصري). وجاء في المركز التالي الداعية المصري المقيم في الإمارات عمر عبد الكافي، حيث قدر دخله بحوالي 373000 دولار (أو ما يعادل 2 مليون جنيه مصري) ثم السعودي سلمان العودة الذي قدر دخله بحوالي 267000 دولار (أو ما يعادل 1,4 مليون جنيه مصري). وقد قدرت فوربس صافي الدخل بناء على مجموعة من المصادر منها أجر الظهور في التليفزيون وحقوق الملكية الفكرية من التسجيلات والأرباح التي يحصلون عليها من مبيعات الكتب.
ويقول سلام "إنني أؤمن بأنه لا مشكلة في استفادة الشيوخ والدعاة والعلماء ماديًا من الظهور في التليفزيون أو إلقاء المحاضرات أو السفر. بل على العكس، فمن الضروري أن ]نعطيهم مقابلاً ماديًا جيدًا[. فعندما أضمن للداعية دخلاً كافيًا له ولأسرته ومستوى معيشي مناسب، لن يكون مثقلاً ]بالهموم[ حول المعيشة، وبالتالي سوف يكون مجهزًا بشكل أفضل لممارسة الدعوة وقراءة الكتب والمساهمة. ثم إن لاعبي الكرة والمطربين والممثلين يحصلون على الملايين، والشيوخ أيضًا يمتهنون مهنة مطلوبة، فلذلك لا مشكلة في إعطائهم ما يريدون وأكثر."
وبالنسبة لقناة اقرأ، يتوقع سلام ازدياد جمهور القناة في المستقبل. "فقد مل الناس التفاهات، فماذا يمكنهم أن يشاهدوا؟ ماذا يشاهدون بعد الفيديو كليب ومسلسلات التليفزيون ومباريات كرة القدم؟ سوف ]يبدأون بمشاهدتنا[."
السياحة الدينية
ربما تكون الصناعة الأشهر في تحقيق الربح هي السياحة الدينية التي تتضمن رحلات الحج والعمرة. ونظرًا لأن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة والعمرة طقس ديني مقدس، فإن عدد الناس الذين يذهبون للحج يزداد كل عام بالآلاف. ففي العام الماضي، ذهب حوالي 2 مليون شخص لتأدية فريضة الحج. بل إن الأمر يتجاوز ذلك، فقد أنشئت صناعات صغيرة لتلبية احتياجات الحجاج، بما فيها حلاقين مخصصين بجوار الكعبة لمساعدة الحجاج في تأدية شعائر الحلق والتقصير ومذابح مخصصة لذبح الأضحيات المطلوبة في الحج.
ويتكلف الحج على الأقل 18000 جنيه، بينما تصل تكلفة الحج السياحي إلى 120000 جنيه. ويقوم أشرف شيحة مالك ومؤسس شركة هانوفي ترافل، وهي وكالة خمس نجوم للسياحة الدينية مقرها في مصر، بتنظيم رحلات الحج من الطراز الفاخر. فبعد التخرج وتأدية الخدمة العسكرية، عمل أشرف شيحة في شركة ثلاث نجوم للسياحة الدينية لعدة سنوات. وبعد أن تعلم أسرار العمل وعقد علاقات شخصية قوية، افتتح شركة هانوفي ترافل منذ 19 عامًا مع مجموعة من أصدقائه.
يقول شيحة "لقد صممنا على تحقيق هذا الأمر ورأينا أنه علينا التركيز والتخصص والتميز عن بقية المنافسين. وقد اخترنا مجال ]السياحة الدينية[ لأنه لا ينقطع أبدًا. وبمرور الأعوام، زادت مصداقيتنا وأصبحنا الآن أكثر شركة معروفة في هذا المجال."
وتتضمن الرحلات التي تنظمها شركة هانوفي رحلات شهرية للعمرة، ما عدا شهر رمضان الذي تنظم فيه أربع رحلات وشهر شعبان الذي تنظم فيه رحلتين من أجل تلبية الطلب المتزايد. وفي الأعوام الأخيرة، يؤكد شيحة أن هانوفي حصلت على أعلى عدد من حجوزات الطيران في الخطوط الجوية السعودية ومصر للطيران، كما أن حوائط مكتبه مغطاة بشهادات التقدير التي حصل عليها من الخطوط الجوية والفنادق.
ويقول شيحة أن فريق العمل المكون من ثلاثين شخصًا في القاهرة يعمل بدقة شديدة من أجل تلبية رغبات خمسة آلاف عميل كل عام. كما يضيف قائلاً "يقول الناس أننا نفرض أسعارًا باهظة، ولكن العميل يحصل على ما يدفع ثمنه. وهناك الكثير من مستويات الأسعار في السوق، وكل يختار المستوى الذي يريده." وبالرغم من النقد العاصف الموجه للارتفاع اللانهائي في أسعار الحج، يؤكد شيحة أنه لو لم يكن العملاء راضين عن الأسعار والخدمات فلن يكون هناك قائمة انتظار للحج مكونة من 400 شخص، كما أنه يعزو ذلك الارتفاع إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام في تلك الصناعة، حيث يقول "إذا كان الهيلتون يعطيني الغرف مقابل 30000 ريال (42725 جنيه مصري) في أحد الأعوام وفي العام التالي تزيد القيمة إلى 46000 ريال (65000 جنيه مصري)، فليس ذلك خطأي." ويتراوح هامش الربح الذي يحققه شيحة بين 3,5 و4%، بالرغم من أنه يؤكد أن ذلك الهامش يجب أن يكون 10%.
"إن هامش الربح الخاص بي ثابت. وعندما رأيت أن الأسعار قد ارتفعت، لم أشعر أنه بإمكاني رفع الأسعار أكثر من ذلك. ووجهة نظري في ذلك أن تحقيق نسبة عالية من الربح ليس دائمًا المعيار الأهم، ولكن هدفي إرضاء العملاء."
هل ينبع ذلك الاعتقاد بأن الأمر متعلق بالإسلام؟ يجيب على ذلك السؤال قائلاً "بالطبع، فنحن نحاول إرضاء ]العملاء[ ويسعدنا أن نعمل بجد أكثر لأننا نحصل على الثواب في الدنيا والآخرة. ]وكوني أقدم شيئًا للإسلام[ يجعلني أشعر بالرضا عن نفسي، كما أشعر أن الله قد خلقني مستعدًا للقيام بتلك المهمة، ولذلك فإني أؤديها بعناية شديدة."
وبالنسبة للاتهام الآخر بأن الحج مع شركة هانوفي يشبه قضاء أجازة على مستوى خمس نجوم، حيث توجد موائد عامرة بالكابوريا ويقضي الحجاج أوقاتهم في الخيام يتحادثون في أيام العبادة، يرد شيحة على ذلك الاتهام بأنه يحاول منع الحج من التحول إلى مجرد مناسبة احتفالية عن طريق تقديم تجربة دينية شاملة للعملاء، بما فيها تنظيم الخطب في وقت الحج. ويضيف قائلاً "إنني أحاول الوصول إلى شيوخ يرضون جميع الأذواق، فواحد للفتاوى وآخر للقرآن والدعاء وثالث للحديث العام. وبقدر الإمكان، أهتم بالجانب الديني مثلما أهتم بالجانب الإداري."
هل يرى شيحة أن هناك تناقضًا في المرور بتجربة من المفترض أن تكون باعثة على التواضع في طائرة خاصة؟ يرد على ذلك قائلاً "إنني أقوم بإرضاء شريحة معينة من المجتمع. أوليس من الأفضل لنا ]في مصر[ أن نقوم بتلبية تلك الاحتياجات بدلاً من يأتي أحد من الخارج ليفعلها؟ فقد كان بعض الناس يحضرون طائرات خاصة من سويسرا، فلم لا ننشئ منتجات لشريحة معينة مستهدفة لديها القدرة على شراء تلك المنتجات؟” وفي نهاية الأمر، يقول شيحة أنه يقدم خدمة للعملاء، وما إذا كانت تلك الخدمة مبالغ فيها وباهظة التكلفة أم لا فذلك أمر لا علاقة له بالموضوع.
لقد انتبه العالم بما فيه مصر للسوق الإسلامية الكبيرة والتي ما زالت قابلة للاستغلال. والصناعات المذكورة في هذا المقال لا تمثل إلا جزءًا ضئيلاً من الحقيقة، فمن الاقتصاد الإسلامي وصناعة الموالد للكتب والمدارس الإسلامية تعتبر السوق صناعة هائلة لديها القدرة على النمو.
وتشترك صناعة الحلال في بعض الأسس مع بعض القطاعات الأخرى، ولكن الحكمة القديمة التي تقول بأنه “لا توجد اعتبارات أخرى في العمل” ليست صحيحة تمامًا. فبالنسبة لبعض الناس في المشروعات المتعلقة بالإسلام، تشكل حقيقة ارتباط العمل بالإيمان فارقًا كبيرًا، مما يتيح لهم تجاوز الربح المادي للخدمات التي يقدمونها إلى شيء أكبر مما يمكن للمال أن يشتريه.
منقول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى