دخول
المنتدى
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 152 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 152 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 299 بتاريخ الأحد أكتوبر 06, 2024 8:58 pm
فيس بوك
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط محمد الجزائري والحديقة الالكترونية على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط الحديقة الاسلامية _ALHADEQA ISLAMIC على موقع حفض الصفحات
الايمان والحياة 2
الحديقة الاسلامية _ALHADEQA ISLAMIC :: المنتدى العام :: اسلاميات الحديقة :: المعرفة :: الاسلام والتقنيات التجارية الحديثة
صفحة 1 من اصل 1
الايمان والحياة 2
تكملت الايمان والحياة الجزء الثاني
وهكذا يفعل الإيمان. وإذا نقص منسوب الإيمان وإذا تدني منسوب الإيمان تدنى معه الشخص، تدنى إلى مرحلة البهيمية، فأصبح ولاء الإنسان تافهًا حقيرًا مهينًا. يذكر [ابن تيميه]- عليه رحمة الله- أن رجلا تعلق امرأة سوداء فأحبها حبًا جمًّا، فكان يقول يوم نقص منسوب الإيمان عنده:
عدو لمن عادت وسِلْم لأهلها *** ومن قرَّبت كان أحب وأقربَ
ليس هذا فحسب، بل قال مرة أخرى:
أحب لحبها السودان حتى *** أحب لحبها سود الكلاب.
صار الحب فيها، والبغض فيها، والولاء لها، والعداء لأعدائها، مع أن الأصل من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان ولن ينال عبد طعم الإيمان وإن صلَّى وصام حتى يكون كذلك ومن آثار الإيمان على حياة الناس أنه يكسب العزة التي تجعل الإنسان يمشي نحو هدفه مرفوع القامة والهامة، لا يحني رأسه لمخلوق، ولا يطأطأ رقبته لجبروت أو طغيان أو مال أو جاه، فهو سيد في الكون هذا وعبد لله وحده.
لا غرو إذا رأينا مؤمنًا أعرابيًا مثل [ربعي بن عامر] حين باشرت قلبه بشاشة الإيمان، وأضاءت فكره آيات القرآن، يقف أمام [رستم] في سلطانه وإيوانه غير مكترث له ولا عابئ به حتى إذا سأله رستم من أنتم وما الذي جاء بكم؟ حقق في الإيوان وأجاب إجابة في عزة مؤمنة خلدها التاريخ فقال: نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلي سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. عزة وأي عزة! إنها لا توجد إلاّ في ظلال الإيمان
أمَّة الصحراء يا شعب الخلود *** من سواكم حل أغلال الورى؟
أي داعي قبلكم في ذا الوجود *** صاح لا كسرى هنا لا قيصر؟
من سواكم في قديم أو حديث *** أطلع القرآن صبحًا للرشاد؟
هاتفًا في مسمع الكون العظيم *** ليس غير الله ربًا للعباد
فكِّروا في عصركم وانتبهوا *** طالما كنتم جَمَالا للعُصُر
وابعثوا الصحراء عزمًا وابعثوا *** مرة أخري بها روح عمر
هاهو أخر قد آمن بالله حقًا، فأكسبه ذلك الإيمان عزة، جعل يتكلم في [هشام بن عبد الملك] الخليفة كلامًا غليظًا جافيًا، فأمر هشام بإحضاره، فلما وقف بين يديه جعل يتكلم، فقال هشام له: وتتكلم أيضًا في مجلسي؟! فقال: يقول الله –جل وعلا-: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا) أفنجادل الله جدالا، ولا نكلمك يا هشام؟! فما كان من هشام إلا أن قال: قل ما شئت، ثم انصرف راشدًا، فقال ما شاء وانصرف راشدًا بعزة المؤمن (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) إنها العزّة، أثر إيماني يظهر صاحبه الحق، لا يخشى دون الله أحدًا، ليس هذا فحسب. هاكم مثلا آخر، ذلكم الشيخ [سعيد الحلبي] عالم الشام في عصره، كان في درس من دروسه مادًا رجله في مسجد من مساجد الشام، فدخل [إبراهيم] باشا ابن [محمد على] باشا والي مصر آنذاك، فقام الناس كلهم إلاّ هذا الشيخ، بقي مادًّا رجله في حلقته يلقي قال الله، وقال رسوله- صلى الله عليه وسلم- فتأثر ذلك الطاغية، وأثَّر ذلك في نفسه إذ لم يقم له هذا الشيخ، فقال في نفسه هذا: لأتينه من باب لطالما أوتي طلبة العلم من هذا الباب. فذهب وأضمر له ما أضمر، وأحضر ألف ليرة ذهبية –في وقت الشيخ قد لا يجد ليرة واحدة-، وقال لأحد جنوده: اذهب إلي الشيخ وأعطه هذه، فأخذ هذا الجندي ذلك المبلغ، وذهب به إلى الشيخ ولا زال مادًّا رجله في حلقته يدرس قال الله، وقال رسوله –صلى الله عليه وسلم-، ويكتسب العزة من خلال قال الله وقال رسوله، جاء إليه وقال: إن إبراهيم باشا يقول: خذ هذه الألف الليرة الذهبية، فما كان منه إلا أن نظر إليه بعزة المؤمن، وتبسم تبسم المغضب، وقال: ردها له، وقل له: إن الذي يمد رجله لا يمد يده، إن الذي يمد رجليه لا يمد يديه، أنا أقول ربما يكون الشيخ في تلك اللحظة لا يملك ليرة ذهبية واحدة، لكن كنز الإيمان أعظم وأغلى من أن يباع بألف ليرة أو بليرة أو بأقل أو بأكثر، وهكذا يكون المؤمنون. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) وإن نسيت أيها الأحبة فلا أنسى [سيدًا] -رحمه الله وتجاوز عني وعنه-، الذي اعتزَّ بإيمانه، فصدع بكلمة الحق بلا استحياء ولا خجل، فحكم عليه بالقتل، وطلبوا منه أن يقدم استرحامًا حتى يخفف عنه الحكم، ولكنه أبى -رحمه الله- وقال قولته الشهيرة: إن كنت حوكمت بحق فأنا أرضى بالحق، وإن كنت حوكمت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل، إن إصبعي السبابة التي تشهد لله بالوحدانية مرات في اليوم لترفض أن تكتب كلمة واحدة تقر بها حكم طاغية. ماذا كان سيفعل سيد لولا الإيمان؟ يا للعزة! ويا للثبات!. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) ومن آثار الإيمان: سعة الرزق لأهل الإيمان والبركة فيه. المؤمن –أيها الأحبة- لا يذهب منه ريال في شراء ما يغضب الله –جلا وعلا- لا يذهب منه ريال في شراء دخان، وما في حكم الدخان من الخبائث، لا يذهب منه ريال في شراء فيلم مفسد أو مجلة أو جريدة مفسدة؛ لأنه يعلم أنه مسؤول أمام الله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فيصون رزقه عن الربا وعن الغش وعن الحِيَل، وعن المكر والخداع، ويجند رزقه فيما يرضي الله –جل وعلا- فيرزقه الله ويبارك الله له. (وَمَن يَتَّقِِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ )
ومن آثار الإيمان: صدق التوكل على الله، وتفويض الأمور إلى الله -جل وعلا- والاعتماد عليه في السعي في هذه الحياة، واستمداد العون منه في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلهم على الله راحة نفسية، وطمأنينة قلبية، إن أصابهم خير حمدوا الله –جل وعلا- وشكروه، وإن أصابتهم شدة صبروا وشكروا، ولسان حالهم ومقالهم: (قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا)
هاهو [خالد بن الوليد] المؤمن الحق بإذن الله يُقَدَّم له في يوم من الأيام سم، يُقَدَّم له سم من قِبَل طاغية من الطغاة، ويقول له هذا الكافر: إن كنتم صادقين في التوكل على الله -جل وعلا- واللجوء إليه، والثقة به، فاشرب هذه القارورة من السم، فما كان من خالد -رضي الله عنه- إلا أن أخذها وقال: بسم الله، توكلت على الله، ثقة بالله -سبحانه وتعالى- ثم شربه، فلم يصبه إلا العافية. (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون
ومن آثار الإيمان انشراح الصدر، وطمأنينة القلب (أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ من رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ) المؤمن منشرح الصدر، مطمئن القلب، قد آمن بالله ربَّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- فذاق حلاوة الإيمان، فانشرح صدره.
هاهو أحد المؤمنين يقول -وقد انشرح صدره للإيمان فتلذذ بهذه العبادات التي هي من الإيمان-: والله لولا قيام الليل ما أحببت البقاء في هذه الدنيا، والله إن أهل الليل في ليلهم مع الله ألذ من أهل اللهو في لهوهم، والله إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربًا بذكر الله حتى أقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم عظيم. تلذذوا بالإيمان، وذاقوا حلاوة الإيمان فانشرحت صدورهم. والآخر يقول: والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف. والعكس بالعكس؛ من نقص إيمانه فحياته ضنك، وصدره ضيقًا حرجًا كأنما يصَّعد في السماء، وصدق الله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى)
ومن آثار الإيمان على الحياة بعمومها: نجاة سفينة الأمة، ووصولها لبر الأمان نتيجة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي هو من الإيمان، بل هو عماد من أعمدة الإيمان. فالحياة كلها سفينة تنخر عباب البحر، لا تكاد تسكن حتى تضطرب، ولن يكتب الله السلامة لها فوق الموج المضطرب حتى يكون كل شخص منها على حذر مما يفعل، ويقظة لما يريد. المجتمع كالسفينة يركب ظهرها البَرُّ والفاجر، والمتيقظ والغافل، وطالب العلم والجاهل، هذا يصلح، وذاك يحرف ويفتن، والمؤمن بإيمانه هو الصالح المصلح، يجاهد بأمره ونهيه وإصلاحه، فإن تحطمت السفينة بعد ذلك فشتان بين غريق وغريق؛ غريق في جهنم، وغريق في الجنة شهيد بإذنه ربه. ومن آثار الإيمان: حفظ الجوارح، وتذليلها لطاعة الله، وانقيادها لأوامر الله؛ حفظ القلب من الشهوات والشبهات. وحفظ اللسان من الغيبة والنميمة والوقوع في أعراض المسلمين والإفساد. وحفظ السمع إلا من كتاب الله، وذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما أباحه الله. وحفظ البصر من إطلاقه فيما حرَّم الله؛ ليجد بعد ذلك حلاوة إيمانه إلى أن يلقى الله. وحفظ البطن فلا يدخل له إلا ما أحله الله، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فالمؤمن بإيمانه يحفظ جوارحه، والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين. ومن آثار الإيمان على الحياة آثاره على المجالس، حيث يجعلها رياضًا من رياض الجنة، ملائكة تحفُّ، ورحمة تتنزل، وسكينة تغشى، ورب رحيم كريم يقول: انصرفوا مغفورًا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات، فيا لله ما أعظمها من مجالس! وما أعظم الأخوة! جالسيها -ومرتاديها جعلنا الله وإياكم من أهلها-
ومن أثاره على الحياة آثاره في تلك اللحظة الأخيرة، في تلك اللحظة الحاسمة، في لحظة الموت العصبية المريرة التي لا يثبت فيها إلا المؤمنون، يوم يعتقل اللسان، ولو لم يعتقل لصاح الميت من شدة ما يلاقي من السكرات حتى تندك جدران الغرفة التي هو فيها، يوم يخدر الجسم، ولو لم يخدر لما مات أحد على فراشه، ولما مات إلا في شعب الجبال ورؤوس الجبال؛ من شدة ما يلاقي من السكرات. اللحظة التي صورها من عناها بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وسلم- يوم يغمى عليه ويصحو، ويقول: "لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات"، لحظة عاناها، وعاناها صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ووصفها أحدهم وهو [عمرو بن العاص] –رضي الله عنه وأرضاه- فقال وهو في اللحظات الأولى من لحظات السكرات، لا زال لسانه لم يعتقل، ولا زال جسمه لم يخدر: والله لكأن على كتفي جبل رضوى، وكأن في جوفي شوكة عوسج، وكأن روحي تخرج من ثقب إبرة، وكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما. في هذه اللحظات المريرة العصيبة يأتي أثر الإيمان واليقين، فيلهمك الله النطق بالشهادتين، ومن" كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلاّ الله دخل الجنة "على ما كان. في تلك اللحظات يأتي المؤمنون فيسعدون بتلك اللحظات؛ لأنهم يعلمون أنها آخر عناء، وآخر تعب، وآخر نَصَب، وآخر وصب، ليس هذا فحسب، بل تستقبلهم الملائكة، بل تبشرهم الملائكة، فلا خوف ولا حزن (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)
هاهو [عمر بن عبد العزيز] -عليه رحمة الله- في سكرات الموت يقول: مرحبًا بالوجوه ليست بوجوه جن ولا إنس، ثم يطلب ممن حوله أن يخرجوا، وإذا به يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ليلقى الله -عز وجل- على ذلك.
وأحدهم بلغت به سكرات الموت مبلغًا فيقولون له: قل: لا إله إلا الله، وهو من الصالحين، لا يزكى على الله، فكان يقول: (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) ليلقى الله على تلك الحال (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يشاء)
مؤذن لطالما رفع الآذان من على المنابر كل يوم خمس مرات، يختمها بلا إله إلا الله، وهو في منطقة الجنوب، وفي تلك اللحظات الأخيرة من حياته يغمى عليه إغماءة مستمرة، فما كان يفيق إلا في وقت الصلاة، فإذا جاءت وقت الصلاة قام وأذن حتى يقول: لا إله إلا الله، ثم يعود إلى إغمائه، ويقولها مرة من المرات، يفيق من إغمائه ويقول: يا بني، وابنه معه، أحان وقت الصلاة؟ قال: نعم، فقال: الله أكبر، الله أكبر حتى ختمها بلا إله إلا الله، ليلقى الله على تلك الحال (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ) وفي المقابل تجد الذين لا إيمان لهم في تلك اللحظات، الذين لم تنضبط سلوكهم قد ضيق الله عليهم، وعسَّر أمورهم، وأوغر صدورهم، ثم لا يُلْهمون الشهادة ليختموا بها حياتهم. فيا لها من سوء خاتمة. هاهو شاب في سكرات الموت، يقولون له: قل: لا إله إلا الله –ولطالما دنَّس فمه بشرب الدخان- فيقول: أعطوني دخانًا، فيقولون: قل: لا إله إلا الله، فيقول: أعطوني دخانًا، أعطوني دخانًا، فيقولون: قل: لا إله إلا الله علَّ أن يختم لك بها، قال: أنا بريء منها، أعطوني دخانًا، ليلقى الله على تلك الحال. نسأل الله حسن الخاتمة. وشاب أخر –كما ذكر الشيخ [سلمان]- يقول : كان صادًّا ونادًّا عن الله –جل وعلا- وحلَّت به سكرات الموت التي لابد أن تحل بي وبك، لا أدري أقريب أم بعيد؟ نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الختام، جاء جلاسه وقالوا: قل: لا إله إلا الله، فيتكلم بكل كلمة ولا يقول لا إله إلا الله، ثم يقول في الأخيرة: أعطوني مصحفًا، ففرحوا واستبشروا وقالوا: لعله يقرأ آية من كتاب الله، فيختم بها، فأخذ المصحف ورفعه بيده، وقال: أشهدكم أني قد كفرت برب هذا المصحف، ثم يلقى الله على ذلك. نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الختام (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ)
ومن أثار الإيمان: السكينة والثبات في القبر يوم تطرح وحيدًا فريدًا لا أنيس ولا صاحب ولا قريب ولا حبيب ولا خليل، يوم تكون مع أهلك في ليلة تفترش الوثير، وتشرب النمير، وإذ بك في ليلة أخرى تفترش التراب مرتهنًا بعملك، فيا لذلك ويا لحسرتك إن كنت محسنًا تريد الزيادة، وتعض أصابع الندم على ما فرطت، وإن كنت مسيئًا ندمت على التفريط، وأنَّى لك بالندم أن ينفعك في تلك اللحظة؟، وأنت على هذه الحال –يا أيها المؤمن- تأتيك نعمة الإيمان فيثبتك الله ويلهمك الإجابة على الأسئلة الثلاثة؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ثم بعدها يُفتح لك باب إلى الجنة؛ لتنعم من رَوحِها وطيبها. جعلنا الله وإياكم من سكانها. أحد الشباب يأتيني في يوم من الأيام، في يوم جمعة، ويأتي إليَّ ويقول: يا شيخ رأيت أخي الذي مات قبل فترة في المنام، وأحببت أن أذكِّرك بهذا لتذكِّر الناس بمثل هذه الرؤيا، قال: فقلت لأخي لما رأيته في المنام: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني فله الحمد والمنَّة أولا وأخرًا، وظاهرًا وباطنًا، قال: فبم توصينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، وألا تناموا ليلة من الليالي إلا وقد تعبت أقدامكم من الوقوف بين يدي الله، واحمرَّت أعينكم بكاءً من خشية الله؛ فو الله ما نفعنا هنا بعد رحمة الله إلا تلك الأعمال وتأتي آثار الإيمان يوم القيامة، يوم يبعثر ما في القبور، ويُحصَّل ما في الصدور، يوم تبيض وجوه وتسودُّ وجوه (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ منْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) يوم يسأل كل إنسان عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به. يوم يجمع الله الخلائق وأنت منهم، علويّهم والسفلي، أولهم والآخر، ذكرهم والأنثى حفاة عراة، قلقين فزعين، قد دنت الشمس منهم قدر ميل، قد بلغ العرق منهم الحناجر، ثم يقول الله:" يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول الله: أخرج بعث النار من ذريتك، قال يا ربي: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون". يومها يشيب الصغير وتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، عندها تجد المؤمنين تحت ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله آمنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين ثم تظهر آثار الإيمان عند الميزان يوم تعرض السجلات سجلا سِجلا، وصفحة صفحة، وكلمة كلمة، ولحظة لحظة، ويومًا يومًا لا تغادر صغيرة ولا كبيرة. يوم ينادى المؤمن على رؤوس الخلائق لقد سعد فلان ابن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وتظهر أثار الإيمان يوم يعبر على الصراط والناس يتساقطون في النار تساقط الفراش على الشهاب وتظهر آثار الإيمان يوم يقول الله: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) فإلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فيا بائع هذا ببخس معجل *** كأنك لا تدري بلي سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
هذه بعض آثار الإيمان على الحياة، هي غيض من فيض، وقطر من بحر، فإن كنت تريد الآخرة فالطريق الإيمان، وإن كنت تريد الدنيا فالطريق الإيمان، وإن كنت تريد الله والدار الآخرة والدنيا معًا فالطريق الإيمان. عار أيما عار -يا عبد الله- أن تعيش عشرين عامًا أو خمسين أو أقل أو أكثر بلا إيمان، ثم تستقبل الآخرة بلا بطاقة لا إله إلا الله، ولا جواز (ادْخلُوُا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)
فيا ساهيًا في غمرة الجهل والهوى *** صريع الأماني عن قليل ستندم
أَفِقْ قد دنا الموت الذي ليس بعده *** سوى جنة أو حر نار تضرم
وتشهد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك على فِيهِ المهيمن يختم
فحيَّ على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيَّم
وحيَّ على روضاتها وخيامها *** وحيَّ على عيشٍ بها ليس يُسْأَم
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى، وباسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت، أن ترزقنا إيمانًا نجد حلاوته، وقلوبًا خاشعة، وألسنة ذاكرة، وأعينًا من خشيتك مدرارة. اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء. اللهم انفعنا بما قلنا، اللهم انفعنا بما سمعنا، اللهم واجعله حجَّة لنا، اللَّهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك اللهم أن نغتال من تحتنا. اللهم أنت ملاذنا، اللهم أنت ملجؤنا، حسبنا فلا تَكِلْنا إلى أنفسنا طرفة عين، أنت حسبنا ونعم الوكيل. اللهم كما جمعتني بأحبتي في هذه الروضة في هذه الليلة على ذكرك، فاجمعني بهم إخوانًا على سُرُرٍ متقابلين.
هذي محاضرتي عليكم ألقيت *** فلعلها موقظة الوسنان
لم آتِ فيها من جديد مُحْدَثٍ *** غير اختيار اللفظ يا إخواني
فإذا أسأت فذاك من كسبي *** وإن أحسنت ذا فضل من المنان
أهدي صلاتي والسلام جميعه *** لأحب خلق الله بالأكوان
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت.
وأعتذر كذلك عن الإجابة على الأسئلة، ولعل في ما ذُكِر خير، وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بالقليل، وأن يبارك لنا فيه، وأن يجمعنا بكم مرات ومرات ومرات، ثم يجمعنا في دار
قصورها ذهب والمسلك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيها
وهكذا يفعل الإيمان. وإذا نقص منسوب الإيمان وإذا تدني منسوب الإيمان تدنى معه الشخص، تدنى إلى مرحلة البهيمية، فأصبح ولاء الإنسان تافهًا حقيرًا مهينًا. يذكر [ابن تيميه]- عليه رحمة الله- أن رجلا تعلق امرأة سوداء فأحبها حبًا جمًّا، فكان يقول يوم نقص منسوب الإيمان عنده:
عدو لمن عادت وسِلْم لأهلها *** ومن قرَّبت كان أحب وأقربَ
ليس هذا فحسب، بل قال مرة أخرى:
أحب لحبها السودان حتى *** أحب لحبها سود الكلاب.
صار الحب فيها، والبغض فيها، والولاء لها، والعداء لأعدائها، مع أن الأصل من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان ولن ينال عبد طعم الإيمان وإن صلَّى وصام حتى يكون كذلك ومن آثار الإيمان على حياة الناس أنه يكسب العزة التي تجعل الإنسان يمشي نحو هدفه مرفوع القامة والهامة، لا يحني رأسه لمخلوق، ولا يطأطأ رقبته لجبروت أو طغيان أو مال أو جاه، فهو سيد في الكون هذا وعبد لله وحده.
لا غرو إذا رأينا مؤمنًا أعرابيًا مثل [ربعي بن عامر] حين باشرت قلبه بشاشة الإيمان، وأضاءت فكره آيات القرآن، يقف أمام [رستم] في سلطانه وإيوانه غير مكترث له ولا عابئ به حتى إذا سأله رستم من أنتم وما الذي جاء بكم؟ حقق في الإيوان وأجاب إجابة في عزة مؤمنة خلدها التاريخ فقال: نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلي سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. عزة وأي عزة! إنها لا توجد إلاّ في ظلال الإيمان
أمَّة الصحراء يا شعب الخلود *** من سواكم حل أغلال الورى؟
أي داعي قبلكم في ذا الوجود *** صاح لا كسرى هنا لا قيصر؟
من سواكم في قديم أو حديث *** أطلع القرآن صبحًا للرشاد؟
هاتفًا في مسمع الكون العظيم *** ليس غير الله ربًا للعباد
فكِّروا في عصركم وانتبهوا *** طالما كنتم جَمَالا للعُصُر
وابعثوا الصحراء عزمًا وابعثوا *** مرة أخري بها روح عمر
هاهو أخر قد آمن بالله حقًا، فأكسبه ذلك الإيمان عزة، جعل يتكلم في [هشام بن عبد الملك] الخليفة كلامًا غليظًا جافيًا، فأمر هشام بإحضاره، فلما وقف بين يديه جعل يتكلم، فقال هشام له: وتتكلم أيضًا في مجلسي؟! فقال: يقول الله –جل وعلا-: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا) أفنجادل الله جدالا، ولا نكلمك يا هشام؟! فما كان من هشام إلا أن قال: قل ما شئت، ثم انصرف راشدًا، فقال ما شاء وانصرف راشدًا بعزة المؤمن (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) إنها العزّة، أثر إيماني يظهر صاحبه الحق، لا يخشى دون الله أحدًا، ليس هذا فحسب. هاكم مثلا آخر، ذلكم الشيخ [سعيد الحلبي] عالم الشام في عصره، كان في درس من دروسه مادًا رجله في مسجد من مساجد الشام، فدخل [إبراهيم] باشا ابن [محمد على] باشا والي مصر آنذاك، فقام الناس كلهم إلاّ هذا الشيخ، بقي مادًّا رجله في حلقته يلقي قال الله، وقال رسوله- صلى الله عليه وسلم- فتأثر ذلك الطاغية، وأثَّر ذلك في نفسه إذ لم يقم له هذا الشيخ، فقال في نفسه هذا: لأتينه من باب لطالما أوتي طلبة العلم من هذا الباب. فذهب وأضمر له ما أضمر، وأحضر ألف ليرة ذهبية –في وقت الشيخ قد لا يجد ليرة واحدة-، وقال لأحد جنوده: اذهب إلي الشيخ وأعطه هذه، فأخذ هذا الجندي ذلك المبلغ، وذهب به إلى الشيخ ولا زال مادًّا رجله في حلقته يدرس قال الله، وقال رسوله –صلى الله عليه وسلم-، ويكتسب العزة من خلال قال الله وقال رسوله، جاء إليه وقال: إن إبراهيم باشا يقول: خذ هذه الألف الليرة الذهبية، فما كان منه إلا أن نظر إليه بعزة المؤمن، وتبسم تبسم المغضب، وقال: ردها له، وقل له: إن الذي يمد رجله لا يمد يده، إن الذي يمد رجليه لا يمد يديه، أنا أقول ربما يكون الشيخ في تلك اللحظة لا يملك ليرة ذهبية واحدة، لكن كنز الإيمان أعظم وأغلى من أن يباع بألف ليرة أو بليرة أو بأقل أو بأكثر، وهكذا يكون المؤمنون. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) وإن نسيت أيها الأحبة فلا أنسى [سيدًا] -رحمه الله وتجاوز عني وعنه-، الذي اعتزَّ بإيمانه، فصدع بكلمة الحق بلا استحياء ولا خجل، فحكم عليه بالقتل، وطلبوا منه أن يقدم استرحامًا حتى يخفف عنه الحكم، ولكنه أبى -رحمه الله- وقال قولته الشهيرة: إن كنت حوكمت بحق فأنا أرضى بالحق، وإن كنت حوكمت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل، إن إصبعي السبابة التي تشهد لله بالوحدانية مرات في اليوم لترفض أن تكتب كلمة واحدة تقر بها حكم طاغية. ماذا كان سيفعل سيد لولا الإيمان؟ يا للعزة! ويا للثبات!. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) ومن آثار الإيمان: سعة الرزق لأهل الإيمان والبركة فيه. المؤمن –أيها الأحبة- لا يذهب منه ريال في شراء ما يغضب الله –جلا وعلا- لا يذهب منه ريال في شراء دخان، وما في حكم الدخان من الخبائث، لا يذهب منه ريال في شراء فيلم مفسد أو مجلة أو جريدة مفسدة؛ لأنه يعلم أنه مسؤول أمام الله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فيصون رزقه عن الربا وعن الغش وعن الحِيَل، وعن المكر والخداع، ويجند رزقه فيما يرضي الله –جل وعلا- فيرزقه الله ويبارك الله له. (وَمَن يَتَّقِِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ )
ومن آثار الإيمان: صدق التوكل على الله، وتفويض الأمور إلى الله -جل وعلا- والاعتماد عليه في السعي في هذه الحياة، واستمداد العون منه في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلهم على الله راحة نفسية، وطمأنينة قلبية، إن أصابهم خير حمدوا الله –جل وعلا- وشكروه، وإن أصابتهم شدة صبروا وشكروا، ولسان حالهم ومقالهم: (قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا)
هاهو [خالد بن الوليد] المؤمن الحق بإذن الله يُقَدَّم له في يوم من الأيام سم، يُقَدَّم له سم من قِبَل طاغية من الطغاة، ويقول له هذا الكافر: إن كنتم صادقين في التوكل على الله -جل وعلا- واللجوء إليه، والثقة به، فاشرب هذه القارورة من السم، فما كان من خالد -رضي الله عنه- إلا أن أخذها وقال: بسم الله، توكلت على الله، ثقة بالله -سبحانه وتعالى- ثم شربه، فلم يصبه إلا العافية. (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون
ومن آثار الإيمان انشراح الصدر، وطمأنينة القلب (أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ من رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ) المؤمن منشرح الصدر، مطمئن القلب، قد آمن بالله ربَّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- فذاق حلاوة الإيمان، فانشرح صدره.
هاهو أحد المؤمنين يقول -وقد انشرح صدره للإيمان فتلذذ بهذه العبادات التي هي من الإيمان-: والله لولا قيام الليل ما أحببت البقاء في هذه الدنيا، والله إن أهل الليل في ليلهم مع الله ألذ من أهل اللهو في لهوهم، والله إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربًا بذكر الله حتى أقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم عظيم. تلذذوا بالإيمان، وذاقوا حلاوة الإيمان فانشرحت صدورهم. والآخر يقول: والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف. والعكس بالعكس؛ من نقص إيمانه فحياته ضنك، وصدره ضيقًا حرجًا كأنما يصَّعد في السماء، وصدق الله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى)
ومن آثار الإيمان على الحياة بعمومها: نجاة سفينة الأمة، ووصولها لبر الأمان نتيجة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي هو من الإيمان، بل هو عماد من أعمدة الإيمان. فالحياة كلها سفينة تنخر عباب البحر، لا تكاد تسكن حتى تضطرب، ولن يكتب الله السلامة لها فوق الموج المضطرب حتى يكون كل شخص منها على حذر مما يفعل، ويقظة لما يريد. المجتمع كالسفينة يركب ظهرها البَرُّ والفاجر، والمتيقظ والغافل، وطالب العلم والجاهل، هذا يصلح، وذاك يحرف ويفتن، والمؤمن بإيمانه هو الصالح المصلح، يجاهد بأمره ونهيه وإصلاحه، فإن تحطمت السفينة بعد ذلك فشتان بين غريق وغريق؛ غريق في جهنم، وغريق في الجنة شهيد بإذنه ربه. ومن آثار الإيمان: حفظ الجوارح، وتذليلها لطاعة الله، وانقيادها لأوامر الله؛ حفظ القلب من الشهوات والشبهات. وحفظ اللسان من الغيبة والنميمة والوقوع في أعراض المسلمين والإفساد. وحفظ السمع إلا من كتاب الله، وذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما أباحه الله. وحفظ البصر من إطلاقه فيما حرَّم الله؛ ليجد بعد ذلك حلاوة إيمانه إلى أن يلقى الله. وحفظ البطن فلا يدخل له إلا ما أحله الله، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فالمؤمن بإيمانه يحفظ جوارحه، والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين. ومن آثار الإيمان على الحياة آثاره على المجالس، حيث يجعلها رياضًا من رياض الجنة، ملائكة تحفُّ، ورحمة تتنزل، وسكينة تغشى، ورب رحيم كريم يقول: انصرفوا مغفورًا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات، فيا لله ما أعظمها من مجالس! وما أعظم الأخوة! جالسيها -ومرتاديها جعلنا الله وإياكم من أهلها-
ومن أثاره على الحياة آثاره في تلك اللحظة الأخيرة، في تلك اللحظة الحاسمة، في لحظة الموت العصبية المريرة التي لا يثبت فيها إلا المؤمنون، يوم يعتقل اللسان، ولو لم يعتقل لصاح الميت من شدة ما يلاقي من السكرات حتى تندك جدران الغرفة التي هو فيها، يوم يخدر الجسم، ولو لم يخدر لما مات أحد على فراشه، ولما مات إلا في شعب الجبال ورؤوس الجبال؛ من شدة ما يلاقي من السكرات. اللحظة التي صورها من عناها بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وسلم- يوم يغمى عليه ويصحو، ويقول: "لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات"، لحظة عاناها، وعاناها صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ووصفها أحدهم وهو [عمرو بن العاص] –رضي الله عنه وأرضاه- فقال وهو في اللحظات الأولى من لحظات السكرات، لا زال لسانه لم يعتقل، ولا زال جسمه لم يخدر: والله لكأن على كتفي جبل رضوى، وكأن في جوفي شوكة عوسج، وكأن روحي تخرج من ثقب إبرة، وكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما. في هذه اللحظات المريرة العصيبة يأتي أثر الإيمان واليقين، فيلهمك الله النطق بالشهادتين، ومن" كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلاّ الله دخل الجنة "على ما كان. في تلك اللحظات يأتي المؤمنون فيسعدون بتلك اللحظات؛ لأنهم يعلمون أنها آخر عناء، وآخر تعب، وآخر نَصَب، وآخر وصب، ليس هذا فحسب، بل تستقبلهم الملائكة، بل تبشرهم الملائكة، فلا خوف ولا حزن (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)
هاهو [عمر بن عبد العزيز] -عليه رحمة الله- في سكرات الموت يقول: مرحبًا بالوجوه ليست بوجوه جن ولا إنس، ثم يطلب ممن حوله أن يخرجوا، وإذا به يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ليلقى الله -عز وجل- على ذلك.
وأحدهم بلغت به سكرات الموت مبلغًا فيقولون له: قل: لا إله إلا الله، وهو من الصالحين، لا يزكى على الله، فكان يقول: (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) ليلقى الله على تلك الحال (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يشاء)
مؤذن لطالما رفع الآذان من على المنابر كل يوم خمس مرات، يختمها بلا إله إلا الله، وهو في منطقة الجنوب، وفي تلك اللحظات الأخيرة من حياته يغمى عليه إغماءة مستمرة، فما كان يفيق إلا في وقت الصلاة، فإذا جاءت وقت الصلاة قام وأذن حتى يقول: لا إله إلا الله، ثم يعود إلى إغمائه، ويقولها مرة من المرات، يفيق من إغمائه ويقول: يا بني، وابنه معه، أحان وقت الصلاة؟ قال: نعم، فقال: الله أكبر، الله أكبر حتى ختمها بلا إله إلا الله، ليلقى الله على تلك الحال (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ) وفي المقابل تجد الذين لا إيمان لهم في تلك اللحظات، الذين لم تنضبط سلوكهم قد ضيق الله عليهم، وعسَّر أمورهم، وأوغر صدورهم، ثم لا يُلْهمون الشهادة ليختموا بها حياتهم. فيا لها من سوء خاتمة. هاهو شاب في سكرات الموت، يقولون له: قل: لا إله إلا الله –ولطالما دنَّس فمه بشرب الدخان- فيقول: أعطوني دخانًا، فيقولون: قل: لا إله إلا الله، فيقول: أعطوني دخانًا، أعطوني دخانًا، فيقولون: قل: لا إله إلا الله علَّ أن يختم لك بها، قال: أنا بريء منها، أعطوني دخانًا، ليلقى الله على تلك الحال. نسأل الله حسن الخاتمة. وشاب أخر –كما ذكر الشيخ [سلمان]- يقول : كان صادًّا ونادًّا عن الله –جل وعلا- وحلَّت به سكرات الموت التي لابد أن تحل بي وبك، لا أدري أقريب أم بعيد؟ نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الختام، جاء جلاسه وقالوا: قل: لا إله إلا الله، فيتكلم بكل كلمة ولا يقول لا إله إلا الله، ثم يقول في الأخيرة: أعطوني مصحفًا، ففرحوا واستبشروا وقالوا: لعله يقرأ آية من كتاب الله، فيختم بها، فأخذ المصحف ورفعه بيده، وقال: أشهدكم أني قد كفرت برب هذا المصحف، ثم يلقى الله على ذلك. نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الختام (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ)
ومن أثار الإيمان: السكينة والثبات في القبر يوم تطرح وحيدًا فريدًا لا أنيس ولا صاحب ولا قريب ولا حبيب ولا خليل، يوم تكون مع أهلك في ليلة تفترش الوثير، وتشرب النمير، وإذ بك في ليلة أخرى تفترش التراب مرتهنًا بعملك، فيا لذلك ويا لحسرتك إن كنت محسنًا تريد الزيادة، وتعض أصابع الندم على ما فرطت، وإن كنت مسيئًا ندمت على التفريط، وأنَّى لك بالندم أن ينفعك في تلك اللحظة؟، وأنت على هذه الحال –يا أيها المؤمن- تأتيك نعمة الإيمان فيثبتك الله ويلهمك الإجابة على الأسئلة الثلاثة؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ثم بعدها يُفتح لك باب إلى الجنة؛ لتنعم من رَوحِها وطيبها. جعلنا الله وإياكم من سكانها. أحد الشباب يأتيني في يوم من الأيام، في يوم جمعة، ويأتي إليَّ ويقول: يا شيخ رأيت أخي الذي مات قبل فترة في المنام، وأحببت أن أذكِّرك بهذا لتذكِّر الناس بمثل هذه الرؤيا، قال: فقلت لأخي لما رأيته في المنام: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني فله الحمد والمنَّة أولا وأخرًا، وظاهرًا وباطنًا، قال: فبم توصينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، وألا تناموا ليلة من الليالي إلا وقد تعبت أقدامكم من الوقوف بين يدي الله، واحمرَّت أعينكم بكاءً من خشية الله؛ فو الله ما نفعنا هنا بعد رحمة الله إلا تلك الأعمال وتأتي آثار الإيمان يوم القيامة، يوم يبعثر ما في القبور، ويُحصَّل ما في الصدور، يوم تبيض وجوه وتسودُّ وجوه (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ منْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) يوم يسأل كل إنسان عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به. يوم يجمع الله الخلائق وأنت منهم، علويّهم والسفلي، أولهم والآخر، ذكرهم والأنثى حفاة عراة، قلقين فزعين، قد دنت الشمس منهم قدر ميل، قد بلغ العرق منهم الحناجر، ثم يقول الله:" يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول الله: أخرج بعث النار من ذريتك، قال يا ربي: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون". يومها يشيب الصغير وتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، عندها تجد المؤمنين تحت ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله آمنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين ثم تظهر آثار الإيمان عند الميزان يوم تعرض السجلات سجلا سِجلا، وصفحة صفحة، وكلمة كلمة، ولحظة لحظة، ويومًا يومًا لا تغادر صغيرة ولا كبيرة. يوم ينادى المؤمن على رؤوس الخلائق لقد سعد فلان ابن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وتظهر أثار الإيمان يوم يعبر على الصراط والناس يتساقطون في النار تساقط الفراش على الشهاب وتظهر آثار الإيمان يوم يقول الله: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) فإلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فيا بائع هذا ببخس معجل *** كأنك لا تدري بلي سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
هذه بعض آثار الإيمان على الحياة، هي غيض من فيض، وقطر من بحر، فإن كنت تريد الآخرة فالطريق الإيمان، وإن كنت تريد الدنيا فالطريق الإيمان، وإن كنت تريد الله والدار الآخرة والدنيا معًا فالطريق الإيمان. عار أيما عار -يا عبد الله- أن تعيش عشرين عامًا أو خمسين أو أقل أو أكثر بلا إيمان، ثم تستقبل الآخرة بلا بطاقة لا إله إلا الله، ولا جواز (ادْخلُوُا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)
فيا ساهيًا في غمرة الجهل والهوى *** صريع الأماني عن قليل ستندم
أَفِقْ قد دنا الموت الذي ليس بعده *** سوى جنة أو حر نار تضرم
وتشهد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك على فِيهِ المهيمن يختم
فحيَّ على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيَّم
وحيَّ على روضاتها وخيامها *** وحيَّ على عيشٍ بها ليس يُسْأَم
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى، وباسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت، أن ترزقنا إيمانًا نجد حلاوته، وقلوبًا خاشعة، وألسنة ذاكرة، وأعينًا من خشيتك مدرارة. اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء. اللهم انفعنا بما قلنا، اللهم انفعنا بما سمعنا، اللهم واجعله حجَّة لنا، اللَّهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك اللهم أن نغتال من تحتنا. اللهم أنت ملاذنا، اللهم أنت ملجؤنا، حسبنا فلا تَكِلْنا إلى أنفسنا طرفة عين، أنت حسبنا ونعم الوكيل. اللهم كما جمعتني بأحبتي في هذه الروضة في هذه الليلة على ذكرك، فاجمعني بهم إخوانًا على سُرُرٍ متقابلين.
هذي محاضرتي عليكم ألقيت *** فلعلها موقظة الوسنان
لم آتِ فيها من جديد مُحْدَثٍ *** غير اختيار اللفظ يا إخواني
فإذا أسأت فذاك من كسبي *** وإن أحسنت ذا فضل من المنان
أهدي صلاتي والسلام جميعه *** لأحب خلق الله بالأكوان
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت.
وأعتذر كذلك عن الإجابة على الأسئلة، ولعل في ما ذُكِر خير، وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بالقليل، وأن يبارك لنا فيه، وأن يجمعنا بكم مرات ومرات ومرات، ثم يجمعنا في دار
قصورها ذهب والمسلك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيها
فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني
الحديقة الاسلامية _ALHADEQA ISLAMIC :: المنتدى العام :: اسلاميات الحديقة :: المعرفة :: الاسلام والتقنيات التجارية الحديثة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى